بسم الله الرحمن الرحيم
عجزت الكلمات وجفت الأقلام عن وصف فاجعة ألمت بخلافة الله في الأرض ألا وهي فاجعة استشهاد الإمام الحسن عليه السلام، على يد الغادرة زوجته جعدة بنت الأشعث في السابع من صفر عام 49هـ فكان له من العمر سبع وأربعين عاماً حيث أن ولادته الشريفة كانت في الخامس عشر من رمضان السنة الثالثة للهجرة الشريفة.
نسبه الشريف
الاسم
: الحسن (ع)
اللقب
: المجتبى الكنية: أبو محمد
اسم الأب: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين(ع)
اسم الأم
:الصديقة فاطمة الزهراء (ع) بنت رسول الله (ص)
الولادة
: 15 رمضان 3 ه
الشهادة: 7 صفر 50 ه
مدة الإمامة: 10 سنوات
القاتل: جعده ابنة الأشعث (لعنة الله عليها)
مكان الدفن: البقيع
دور الإمام الحسن (ع) في حياة جدّه وأبيه:
في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة للهجرة زُفّت البشرى للنبي
(ص) بولادة سبطه الأول. فأقبل إلى بيت الزهراء (ع) مهنئاً وسمّى الوليد المبارك حسناً".
شخصية الحسن (ع) :
عاصر الامام الحسن
(ع) جده رسول الله (ص) وأمه الزهراء (ع) حدود سبع سنوات فأخذ عنهما الكثير من الخصال الحميدة والتربية الصالحة ثم أكمل مسيرة حياته إلى جنب أبيه علي (ع) فصقلت شخصيته وبرزت مواهبه فكان نموذجاً رائعاً للشاب المؤمن واستقرت محبته في قلوب المسلمين.
ومما امتازت به شخصية الحسن
(ع) مهابته الشديدة التي ورثها عن جده المصطفى.
الحسن
(ع) في خلافة علي (ع) :
شارك الإمام الحسن
(ع) في جميع حروب والده الإمام علي (ع) في البصرة وصفين والنهر وان وأبدى انصياعاً وانقياداً تامين لإمامِهِ وملهمه. كما قام بأداء المهام التي أوكلت إليه على أحسن وجه في استنفار الجماهير لنصرة الحق في الكوفة أثناء حرب الجمل وفي معركة صفين وبيان حقيقة التحكيم الذي اصطنعه معاوية لشق جيش علي (ع).
خلافة الإمام الحسن (ع) :
وبعد استشهاد الإمام علي
(ع) بويع الإمام الحسن بالخلافة في الكوفة. مما أزعج معاوية فبادر إلى وضع الخطط لمواجهة الموقف. وأرسل الجواسيس إلى الكوفة والبصرة. وأدرك الإمام الحسن (ع) أبعاد المؤامرة، وكشف الجواسيس، فأرسل إلى معاوية يدعوه إلى التخلّي عن انشقاقه. وأرسل معاوية رسالة جوابية يرفض فيها مبايعة الحسن (ع)، وتبادلت الرسائل بين الإمام ومعاوية، وتصاعد الموقف المتأزّم بينهما حتى وصل إلى حالة إعلان الحرب.
أسباب الصلح مع معاوية:
وسار الإمام الحسن
(ع) بجيش كبير حتى نزل في موضع متقدم عرف ب"النخيلة" فنظم الجيش ورسم الخطط لقادة الفرق. ومن هناك أرسل طليعة عسكرية في مقدمة الجيش على رأسها عبيد الله بن العباس وقيس بن سعد بن عبادة كمعاون له. ولكن الأمور ومجريات الأحداث كانت تجري على خلاف المتوقع. فقد فوجئ الإمام (ع) بالمواقف المتخاذلة والتي أهمها:
1- خيانة قائد الجيش عبيد الله بن العباس الذي التحق بمعاوية لقاء رشوة تلقاها منه.
2- خيانة زعماء القبائل في الكوفة الذين أغدق عليهم معاوية الأموال الوفيرة فأعلنوا له الولاء والطاعة وعاهدوه على تسليم الإمام الحسن له.
3- قوّة جيش العدو في مقابل ضعف معنويات جيش الإمام الذي كانت تستبد به المصالح المتضاربة.
4- محاولات الاغتيال التي تعرض لها الإمام (ع) في الكوفة.
5- الدعايات والإشاعات التي أخذت مأخذاً عظيماً في بلبلة وتشويش ذهنية المجتمع العراقي..
وأمام هذا الواقع الممزّق وجد الإمام
(ع) أن المصلحة العليا تقتضي مصالحة معاوية حقناً للدماء وحفظاً لمصالح المسلمين. لأن اختيار الحرب لا تعدو نتائجه عن أحد أمرين:
أ
- إمَّا قتل الإمام (ع) والثلّة المخلصة من أتباع علي (ع).
ب
- وأما حمله أسيراً ذليلاً إلى معاوية.
فعقد مع معاوية صلحاً وضع هو شروطه بغية أن يحافظ على شيعة أبيه وترك المسلمين يكتشفون معاوية بأنفسهم ليتسنى للحسين
(ع) فيما بعد كشف الغطاء عن بني أمية وتقويض دعائم ملكهم.
بنود الصلح :
أقبل عبد الله بن سامر الذي أرسله معاوية إلى الإمام الحسن
(ع) حاملاً تلك الورقة البيضاء المذيّلة بالإمضاء وإعلان القبول بكل شرط يشترطه الإمام (ع) وتمّ الاتفاق. وأهم ما جاء فيه:
1- أن تؤول الخلافة إلى الإمام الحسن بعد وفاة معاوية. أو إلى الإمام الحسين إن لم يكن الحسن على قيد الحياة.
2- أن يستلم معاوية إدارة الدولة بشرط العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه.
3- أن يكفل معاوية سلامة أنصار علي (ع) ولا يُساء إليهم..
المخطط الأموي :
وانتقل الإمام الحسن
(ع) إلى مدينة جدّه المصطفى (ص) بصحبة أخيه الحسين (ع) تاركاً الكوفة التي دخلتها جيوش معاوية وأثارت في نفوس أهلها الهلع والخوف. وخطب معاوية فيهم قائلاً: "يا أهل الكوفة أترون أني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج؟ وقد علمت أنكم تصلّون وتزكّون وتحجّون... ولكنني قاتلتكم لأتأمّر عليكم: وقد أتاني الله ذلك وأنتم له كارهون... وإن كل شرط شرطته للحسن فتَحْتَ قدميّ هاتين".
ورغم هذا الوضع المتخلّف الذي وصل إليه المسلمون والذي أجبر الإمام الحسن
(ع) على الصلح مع معاوية قام الإمام (ع) بنشاطات فكرية واجتماعية في المدينة المنورة، تعالج هذه المشكلة وتعمل على تداركها وتفضح المخطط الأموي الذي قام بتصفية العناصر المعارضة وعلى رأسها أصحاب الإمام علي (ع). وتزويد الولاة بالأوامر الظالمة من نحو: "فاقتل كل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك...". وتبذير أموال الأمة في شراء الضمائر ووضع الأحاديث الكاذبة لصالح الحكم وغيرها من المفاسد.... ولذلك كانت تحركات الإمام الحسن(ع) تقلق معاوية وتحول دون تنفيذ مخططه الإجرامي القاضي بتتويج يزيد خليفة على المسلمين. ولهذا قرّر معاوية التخلص من الإمام الحسن، ووضع خطّته الخبيثة بالاتفاق مع جعدة ابنةا لأشعت بن قيس التي دسّت السم لزوجها الإمام (ع)، واستشهد من جراء ذلك الإمام الحسن (ع) ودفن في البقيع بعد أن مُنِعَ من الدفن بقرب جده المصطفى (ص)
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حياً.
حكمة أهل البيت
(ع)
روي أنّ شامياً ممن غذاهم معاوية بن أبي سفيان بالحقد على ال الرسول
(ص) رأى الإمام السبط راكباً فجعل يلعنه، والحسن (ع) لا يردّ عليه. فلما فرغ الرجل، أقبل الإمام عليه ضاحكاً وقال(ع): "أيها الشيخ، أظنك غريباً ولعلَّك شبهت؟ فلو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك.. وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك.. وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك الان لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كبيراً".
فلما سمع الرجل الشامي كلامه بكى وقال
: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته كنت وأبوك أبغض خلق الله إلي والان أنت وأبوك أحبّ خلق الله عليَ عظم الله أجوركم.
علماً انه عليه السلام حج ماشياً على قدميه 25 سنة وانه اقتسم ماله نصافاً ثلاث مرات حيث كان في كل مرة يقسم امواله واملاكه بالنصف ويعطي نصفها للفقراء.
عظم الله اجوركم واحسن الله لكم العزاء بذكرى أستشهاد الأمام المظلوم والشهيد المسموم ابى محمد الحسن المجتبى صلوات الله عليه.