الزواج قسمه ونصيب
الزواج رزق ولا يملك الرزق إلا الله –سبحانه وتعالى- فهو المتحكم فيه وهو الذي يحدد قدره وموعده، ومن الذي يستحقه، وكل ذلك مربوط بحكمة لا يعلمها إلا هو -عز وجل- علام الغيوب، وكيف لا، وهو القائل: "وفي السماء رزقكم وما توعدون".
ونحن إذ نتحدث عن الرزق يجب علينا أن نلتفت لما يجب علينا اتخاذه لكي يمن الله علينا برزقه ويبارك لنا فيه، والبداية تكمن في الاعتقاد اليقيني بأن الرزق من عند الله وأنه لا أحد من خلقه بقدرته أن يبسط الرزق لهذا أو أن يمنع الرزق عن ذلك، وإنما الكل أسباب يسببها الله ويضعها في طريقنا لكي تكون بابا يأتي الرزق منها إلينا.
ثم علينا أن نتيقن من أن كل شيء بكتاب وأن لكل شيء أجله، فقد يؤخر الله الرزق لحكمة لا يعلمها إلا هو، وقد يبكر من مجيئه لحكمة أيضا لا يعرفها غيره..
وقد تدعو الله بأن يرزقك شيئا معتقدا أن فيه الخير لك ولذويك، ولكن الله يؤخره عليك لأن في هذا خيرا لك.. ألم ترَ من البشر من يطلبون كثرة المال وزيادة السطوة وعلو السلطة، فلا يجيب الله طلبهم لعلمه بأن في هذا ضررا لهم، حيث يكون ذلك سببا في زيادة ذنوبهم، وفي خسارتهم دنياهم ودينهم..
وقد يدفع الجهل بذلك إلى استعجال الرزق ومن ثم الاتجاه إلى ما يغضب الله اعتقادا بأن في ذلك الحل للإحساس بتأخر الرزق.. إنك إذا كنت مؤمنا بأن الرزق آت آت من عند الله فإنك لن تسرق أبدا، ولن ترتشي أبدا، ولن تستخدم الرياء والنفاق لتجلب رزقا أبدا.. إلخ..
فإن الله يؤخر الرزق بل يحرمه لارتكاب الذنوب والمعاصي، فلا تجعل استعجالك للرزق دافعا لك على ارتكاب الذنوب التي تغضبه عز وجل..
ورغم ذلك الاعتقاد اليقيني بأن الرزق من عند الله وأنه مكتوب منذ الأزل، إلا أن هذا لا يعني التواكل وعدم العمل والسعي.. انظر إلى هذه الآية الكريمة "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا".. لقد جعل الله الرزق ممثلا في "تساقط الرطب" على السيدة "مريم" مشروطا بالعمل "هز جذع النخلة" رغم ما كان بها من تعب وعناء الولادة، ورغم أنه –سبحانه- قادر على إطعامها دون بذلها هذا الجهد.. ولكن الله يعلمنا من ذلك ويرشدنا إلى أن طلب الرزق لابد أن يكون مصحوبا بالعمل والأخذ بالأسباب.
وإذا ما ذهبنا للحديث عن الزواج، فمعلوم أن في الزواج حكما كثيرة أهمها تغذية النفس بما بها من حاجة للحب والسكن والطمأنية والمودة والرحمة، والعمل على صيانة النوع الإنساني بالتناسل والتكاثر.. إلى آخره..
ألم تفكر مثلا، لماذا تحب أن تقابل هذه الفتاة وأن تتحدث معها؟ ألا تدري لماذا تسعد حين تسأل عنك؟ ألا تعرف لماذا تطرب لكلماتها وتهنأ بنظراتها، وتكاد تطير من الفرح حين تلتقي عينك بعينها؟
ألم تفكري في سبب لشعورك حين تجدين من يوحي إليك بأنه مسئول عنك، وأنه قادر على صيانتك وحمايتك؟ ألم تجدي ما يبرر سعادتك للقياه وبهجتك بكلماته ونظراته؟
إن السبب في ذلك هو أنك محتاج لهذا بحكم الفطرة، فبداخل كل منا ما يشعرنا بالاحتياج لكل ذلك، ولهذا وضع الله لنا الحل.. إنه الزواج..
والسؤال الآن: لقد أصبح الزواج –في ظل الظروف القاسية التي نعيشها- صعبا، فكيف لنا أن نوفر كل احتياجاته ومتطلباته؟ ألا ترى مجتمعنا من أمامك وارتفاع سن الزواج فيه؟ قل لي إذن ما الحل..
يا أخي.. ويا أختي.. ألم نتفق على أن الزواج رزق؟ إذن فلنطبق فيه ما تحدثنا عنه في الرزق.. تيقن بأنه من عند الله، وأن موعده مكتوب عنده منذ الأزل، واصبر فإن الله سيكافئك على صبرك، ولا تتعجل الرزق –الزواج- بارتكاب المعاصي.