أمنيات أبناء بلاد الرافدين
حيدر محمد الوائلي
عندما يتمنى الشعب أن تتكرم عليه الدولة بأن تستقر الكهرباء الوطنية بحد ثلاث ساعات تجهيز وثلاث ساعات قطع ، في بلد يقبع على نهر عميق من الذهب الأسود –النفط- !!
ولم تحقق لهم الدولة ذلك !!
ولم يصوت لها البرلمانيين المشغولين عنا بغيرنا !!
والأدهى وأمرّ أن يتمنى الشعب أن يتكرم عليهم أبو المولدة بالتشغيل على وكت أو لأضافة بعض الساعات الإضافية !!
ولم يحقق لهم أبو المولدة ذلك !!
عندما يتمنى الشعب أن تتكرم عليه البلدية بتنظيف الأحياء وتصريف المجاري وتزويد المنازل بالمياه الصالحة للشرب ، وهو يعيش في حضارة كانت أول من إبتكرت نظام المجاري والتصريف الصحي ، ونظام السقي بالسواقي !!
ولم تحقق لهم الدولة ذلك !!
ولم يصوت لها البرلمانيين المشغولين عنا بغيرنا !!
والأدهى وأمرّ أن يقوم الشعب بتوسيخ مدينته فوق وساختها لتصبح مقبرة النفايات لا في صحراء المدينة ، بل في قلب المدينة !!
عندما يتمنى الموظف الحكومي أن تتكرم عليه الدولة بعيدية لأن راتب الشهر خلص في نصف الشهر ، وهو يعيش في بلد حباه الله بأرض فيه خيرات الله من المعادن النفيسة مثل الفوسفات والزئبق والنحاس والقار والكبريت ، ورغم ذلك فجميع وارداتنا من الأجهزة الكهربائية والمكائن والمعدات هي مستوردة ، وغالية !!
وعندما يصبح الموظف في بلد الخير راضياً باليسير الذي يقبضه راتباً شهرياً فهو عنده (نعمة) وكأن هذا هو حقه الحقيقي ، ولم يعلم أن إستحقاقه هو أضعاف ذلك الراتب .
ولم تتكرم عليه الدولة برفع سقف سلم الراتب ليصل أدناه الى أقل حد (مليون دينار مثلاً) وهو ليس كثير عليهم ، وأن يكون هناك نسبة معقولة بين الأدنى والأعلى في سلم الرواتب ، لا أن يقبض الوزير والبرلماني الملايين شهرياً وذلك لمجرد جلسة أو جلستين شهرياً ، ويغيب بقية الشهر...
بينما القانون والعقوبة على الموظف البسيط الذي يغيب يوماً ليعاقب ويؤنب ويُقطع راتبه ...
والأدهى وأمرّ أن تكون نسبة الفقر المعلن عنها رسمياً وحكومياً 30% من سكان العراق ..
والأدهى وأمر نسبة البطالة والفساد والرشوة المرتفعة في بلد يخرج أهاليه ملايين لتأدية طقوس دينية بالملايين –سنة وشيعة- ، وفي صلوات الجمع تغص بهم المساجد ...
نحن مربوطين بحبل ضعيف وسهل القطع ولكننا خائفين من قطعه وذلك لأننا إتكاليين ونريد دوماً أن يأتي أحد ليقطعه مكاننا رغم يسر قطعه ...
هذا هو الدرس لتنتخبوا من تعرفوه في المرة القادمة ، ومن سكن مناطقكم ، لا من عرفتموه بأسم بالدعاية ، أو ضحك عليكم بمسميات المذهب والوطنية والحزب والثورة التي أكلت أبنائها ...
فأصبحنا مثل الفيل في الحقيقة التالية التي ليس لي فضلاً بها سوى إني قرأتها فوجدت من المناسب نقلها لحضارتكم :
كنت أفكر ذات يوم في حيوان الفيل ، وفجأة استوقفتني فكرة حيرتني ، وهي حقيقة أن هذه المخلوقات الضخمة قد تم تقييدها في حديقة الحيوان بواسطة حبل صغير يلف حول قدم الفيل الأمامية ، فليس هناك سلاسل ضخمة ولا أقفاص ، كان من الملاحظ جداً أن الفيل يستطيع وببساطة أن يتحرر من قيده في أي وقت يشاء ، لكنه لسبب ما لا يقدم على ذلك !!
شاهدت مدرب الفيل بالقرب منه وسألته :
لم تقف هذه الحيوانات الضخمة مكانها ولا تقوم بأي محاولة للهرب ؟
حسناً، أجاب المدرب :
حينما كانت هذه الحيوانات الضخمة حديثة الولادة وكانت أصغر بكثير مما هي عليه الآن ، كنا نستخدم لها نفس حجم القيد الحالي لنربطها به. وكانت هذه القيود - في ذلك العمر– كافية لتقييدها ، وتكبر هذه الحيوانات معتقدة أنها لا تزال غير قادرة على فك القيود والتحرر منها ، بل تظل على اعتقاد أن الحبل لا يزال يقيدها ، ولذلك هي لا تحاول أبداً أن تتحرر منه .
كنت مندهشاً جداً ، هذه الحيوانات – التي تملك القوة لرفع أوزان هائلة - تستطيع وببساطة أن تتحرر من قيودها ، لكنها اعتقدت أنها لم تستطع فعلقت مكانها كحيوان الفيل ...
الكثير منا أيضاً يمضون في الحياة معلقين بقناعة مفادها أننا لا نستطيع أن ننجز أو نغير شيئاً ، وذلك ببساطة لأننا نعتقد أننا عاجزون عن ذلك ، أو أننا حاولنا ذات يوم ولم نفلح .
حاول أن تصنع شيئاً .. وتغير من حياتك بشكل إيجابي وبطريقة إيجابية ...