نقل في ( سفينة البحار ) عن كتاب ( النصائح ) ما نصه : ( عندما اشتد مرض
هارون الرشيد في خراسان أمر بإحضار طبيب من طوس ، ثم أوصى أن يعرض
إدراره مع إدرار قسم من المرضى والأصحاء على الطبيب ، ففحص الطبيب قناني
الإدرار الواحدة بعد الأخرى ، حتى وصل إلى القنينة التي فيها إدرار هارون
الرشيد ، وبدون أن يعلم من صاحب إدرار هذه القنينة قال : قولوا لصاحب هذه
القنينة أن يوصي ، لأن قواه قد انهدت وبنيته قد هدمت ، فعند سماع هارون هذا
الكلام يئس من حياته ، وتلا هذه الأبيات الشعرية :
إن الطبيب بطبه ودوائه * لا يستطيع دفاع نحب قد أتى
ما للطبيب يموت بالداء الذي * قد كان يبرئ مثله فيما مضى
وفي هذه الأثناء سمع الناس يتداولون خبر موته ، ولكي يبطل مفعول هذه
الإشاعة ، أمر باستحضار دابة ، وطلب أن يركب عليها ، وعندما امتطى الدابة
ضعفت أرجلها عن حمله ، قال : أنزلوني ، فإن الذي أشاع هذه الشائعة قد صدق . ثم
أمر بجلب أكفان له ، واختار كفنا منها نال إعجابه ، وقال احضروا لي قبرا بالقرب
من فراشي هذا ، ثم نظر إلى قبره ، وتلا هذه الآيات : ما أغنى عنى ماليه ، هلك
.عني سلطانيه