قلم / فرزدق آل الصدر / راسم المرواني
.................
بسـمِ الذي رَفَـعَ السماءَ الرائعـهْ
وأزانـَهــا بالأنجـُمِ المتـلامِعـهْ
جَعَلَ الجبـالَ بأرضـه وَتَداً لهـا
واختـطَّ دورتها لتسبـحَ طائعـهْ
فَطَـرَ الوجودَ بغيـرِ فِكرٍ جالـَهُ
أو من تجـاربِ قبـلَ ذلك نافِعـهْ
خَلَـقَ الخليقـةَ كلّهـا في سِتَّـةٍ
ثمَّ استـوى للعـرش عندَ السابعـهْ
وَأَزَمَّ أرواحَ الخـلائـقِ عنـدَهُ
للعهـدِ ، نادى والخـلائقُ سامِعـهْ
مَنْ ربُكُـمْ ؟ قـالوا إلـهٌ واحدٌ
الله مـولانـا ، ولا كفـوٌ مَعَـهْ
فأسرّهـا الرحمـنُ منـّا قـولـةً
بصحائفٍ خُزِنَتْ ليـوم الواقعـهْ
ليُثيبَ أهـلَ الصدقِ عن إقرارهـمْ
ويُـذِلَّ فِرعـَوناً وَمَن قَـد تابَعَـهْ
هــذا ، وروحُ محمـدٍ وَبَنـيـَّهِ
في الـذرِّ أنـوارٌ تجلّـتْ طالِعـهْ
نادى الخلائقُ حينها :- يـا ربّنـا
مـا هـذهِ الأنوارُ تُسفرُ ساطِعـهْ
فأجابَ ربُّ الكون :- هـذا أحمدٌ
وأولاءِ عِتـرةُ حيـدرِ المتتـابِعـهْ
إني وعـزّي ، والجـلالِ ، وهيبـتيْ
ثُـمَّ ارتفـاعي فـي مكانٍ مانِعـهْ
مِن أجلهمْ أجريتُ حكمي في القضـا
وبحبهـم أحصـرتُ كل المنفعـهْ
قال :- اشهدوا ! قالوا: شهدنا ربنـا
فتبـاركَ الرحمنُ في مـا شَرَّعـهْ
في عالـمِ الـذرِّ البهي تَعَلَّقَـتْ
روحي بسلمـى ، واستقرَّتْ قانعـهْ
(سلمى) ، لهـا روحٌ لطيفٌ ، رائـعٌ
كالوردِ ينشرُ عطرهُ ، مـا أروَعَـهْ
وَتَفَـرَّقَتْ أرواحُنـا فـي حينهـا
وبكى الفؤادُ ، وكيفَ ليْ أنْ أمنَعَـهْ
فسألتُ روحي عَنْ (سُليمَ) فأوعَزَتْ
أنْ خُـذْ حديثـاً ذا مَعانٍ جامِعـهْ
ذَكَـروا بـأنَّ الله نـادى خَلقَـهُ
في الـذَرِّ ، يُفصِحُ عن شهيدٍ أَلمَعـهْ
يـا خلقُ !! من ذا تُستبـاحُ دمـاءُهُ
من أجل حبِّي خالصاً ، كيْ أرفَعَـهْ
يـُحتزُّ منه الـرأس ، ترفَعُـهُ القنـا
والخيـلُ تسحقُهُ ، تُكسِّر أضلُعـهْ ؟
نادى حسينٌ :- هـا أنـا يا سيدي
لرضاكَ أمضي ، لا أهابُ الزوبَعَـهْ
فجـرى بذا حُكمُ القضاءِ ، وَجَفَّتْ الـ
أقـلامُ ، حتى حـانَ يومُ الموقعـهْ
نادى حسينٌ في الطفوفِ مخيـّراً :-
يا قومُ !! خلّوا بيننـا في الواسعـهْ
خوفـاً عليهـم من رزيـّةِ قتلـهِ
لما رأى تلكَ السيـوفُ المـُشرَعَـهْ
فأتـاه (جبريلٌ) - على ما أخبروا -
بوثيقةِ العهدِ الـذي قـد وَقّعـَهْ
أحُسينُ ! إنَّ اللهَ بالـغُ أمـرهِ
فاصدعْ بأمـر الله وأثبُتْ صادِعَـهْ
فأجابـهُ سبـطُ الرسـول بجُملـةٍ
ظلّت ْ بمحـراب الشهـادة لامِعـهْ
(إنْ كانَ دينُ محمـدٍ لـمْ يستقِمْ
إلاّ بقتـلي) ، حَيهـلا بالخيضعـهْ
وتقـدمَ الليثُ المهيـبُ لوقعـةٍ
كانت بآفـاقِ الرسالـة فاجعـهْ
فهنـا حسينٌ ، ثم صفوة أهلـهِ
وقليـل أنصـارٍ ، لقتـلٍ مُزمِعـهْ
سبعـون ، زادوا سبعـةً ، وعيالهـمْ
ثبتـوا لآلاف أتتهـم مُجْمِعـهْ
دارت رحـاها ، والخيـار تساقطوا
كلٌّ أتى نحـو الحسيـن وَوَدَّعـهْ
ما كاد ينصـرف النهـارُ بشطـرهِ
إلاّ وأعضـاء الحسيـن مُقَطَّعـهْ
فأهـمَّ ، يـرمي للخيـام بطرفـهِ
وعويـلُ زينب كان يطرقُ مَسمَعـهْ
َإذ ذاك ، بلـورَ دمعـةً محزونـةً
سالـت على وجناتـه المتضوعَـهْ
جَفَّتْ دمـاءُ الرأس فـوق عيونـهِ
فَغَـدَتْ لرؤيـةِ حالِ زينبَ مانِعـهْ
فأتـاه جبريـلٌ يظلِّـلُ جُرْحَـهُ
والنـاسُ تزحفُ نحـوَهُ مُتَدافِعـةْ
نادى أبو الشهداء في غَصَصِ الـردى
وكأنـَّما في الظـلِّ شئٌ أفـزَعَـهْ
من ذا الـذي قـد ظللتـني جُنْحُهُ
عن أمرِ ربي والسيوفُ مُجَعْجِعَـهْ ؟
فأجابَ:- إنـي جبرئيـلُ ، وهـذهِ
جُنْحيْ ، فَصَبْراً ، ثمَّ أرخى مَدْمَعَـهْ
نادى حُسينٌ :- نَـحِّ جُنْحَكَ يا أخيْ
لأُزادَ تَعْذيبـاً ، وأُكـرَمَ شافِعـهْ
إني أؤمِّـلُ أنْ تكـونَ شهـادتيْ
للسـائـرينَ بـدربِ حقٍّ دافِعـهْ
وَقضى الحُسينُ الطُهْـرُ ذبحاً مِنْ قَفى
بَلْ جُـرِّدت جثمانُـهُ المتضَعْضِعَـهْ
من ذلك البطـلِ المهيبِ تولَّـدَتْ
غُـررٌ مـن العليـاءِ كانتْ نابِعـهْ
مـا بين سَجّـادٍ ، وثَمَّـة باقـرٍ
أو صـادقٍ بالقولِ أغنى الشارِعـهْ
أو كاظِمٍ للغيـظِ ، أُردِفَ بالرضـا
ثُـمَّ الجـوادُ بأمّـةٍ متنـازعـهْ
والهـادي الطُهْـرُ النقـيُّ ، وإبنـهُ
العسكريُّ ، ذوو القلوب الناصِعـهْ
والقائـمُ المهديُّ ، صاحِبُ عصـرِنا
سيفُ الإلـهِ ، يجئُ عِنـدَ الراجِعَـهْ
مِنْ صُلْبِهِـمْ ، مُلئ الغريُّ أئمـةً
عظمـاءَ ، زانَتهـمْ عمائمُ رائِعـهْ
وتناسلوا ، وتوالـدوا ، وتكاثـروا
وتفتقـوا عن سيـدٍ مـا أشجعـهْ
الصـدرُ ، ذاك أبو المؤمـَّلِ ، يعتليْ
عَرْشَ الزعامة ِ ، رَبيْ بارَكَ مَطْلَعَـهْ
عَصـرٌ جديـدٌ جـاء بعـد تَقَهْقُرٍ
صـارتْ بهِ أحـكامُ ربـيْ ذائِعـهْ
أحيـا فروضـاً كنتُ أحسبُ إنـّها
ستظـلُّ في المحـذورِ تصمتُ قابِعـهْ
أحكامُهُ كالسيفِ ، أضحَتْ فيصَـلاً
إمّـا وأمّـا ، ما بِـها مِنْ مَعْمَعـهْ
فَتَنَشَّطَتْ من حولهِ الأعرابُ في
َّ حَسَدٍ ، وكانتْ قبـل ذلك هاجِعـهْ
نَفَـــــــرٌ عليـهِ تكالَبـــــــوا في خِسّــــــــــةٍ
كشـراذمِ الغــــــــوغـاءِ ، كُلٌّ إمَّــــــــعَـهْ
عَجَبَـاً لمـنْ لا يُحسِنـونَ وضوئَهُمْ
غَمَـزوا عقولاً في العُلى مُتَرَعْرِعَـهْ
فَمَضى كموسى ، لَــنْ يُقَــهـْـــــقِـــرَ عَزْمَــــهُ
(إذْهَبْ وَرَبَّــــك قـــاتِـــلا) ، أوْ يَمْنَـــــــعَهْ
لا بـأسَ يا مـولايَ ، قبلُك حَيدرٌ
نَبَحَتْ عليـه كلابُ لَيـلٍ ضائِعـهْ
أنتُـمْ بِفَضـلِ اللهِ ظِـلٌ وارفٌ
، شَجَرٌ لِنَفْـعِ النـاسِ يَنْشُرُ أفرُعَـهْ
وكما تَفَتـَّقَ عَنـكَ أعلامُ الهـُدى
فكـذا ، تَفَتَّــقَ شخصُكُمْ عَنْ أربَعَـهْ
المصطفـى ، والمرتضى ، والمقتـدى
ثُـمَّ المؤمَّلِ ، كالكنـوزِ الموُدَعَـهْ
وقضى الوليُّ الصَـــدرُ غَـــدراً بــــالرَصــــــا
صِ ، فهــاجَتْ الغَــــــبراءُ تبكيْ مَصْــرَعَهْ
فارتاحَتْ (الأعـــــــرابُ) مِنْ قَــــلَقِ الوغى
واسْتَــسْلَمَتْ لِنفــــوسِــها المُتَخَضِّـــعهْ
لكنَّ رَبَّ العَـــــرْشِ يــــأبى أنْ يَـــــــــرى
شَعْبَ التَـــشَيّـــــعِ خاليـاً مِنْ مِدْرَعـــهْ
فأحاطَــــنا بالخيـــــــرِ والعِــــــوَضِ الـــــــذي
أحيـــــا بِنــا سُنَــنْ الكــمالِ الضـائِــعهْ
هو مقتدى ، شبلُ الأسودِ ووارثِ الـــ
الصَـــدرِ الـــــوليِّ ، وَنَفْسُهُ المُتَــرَفِّـعَهْ
ياربِّ !! فاحْفَــــظْ (مقتدى) وعِيـــالَـــهُ
والمخلصــــــــيـنَ بِقُـــربِـهِ ، والتـابِعـهْ
مِنْ شـرِّ شيطـانٍ ، وأعينِ حاسـدٍ
وشـــــرورِ أحقـادِ الرُعـــاعِ الطامِــعـهْ
لاهُـمَّ ، فاستجبْ الدعاءَ ، بِحَقِّ مَنْ
ذَبَحوهُ طِفلاً ، ثُـمَّ فارقَ مَرْضَعَـهْ