بسم الله الرحمن الرحيم
ترقبوا
ماكتبه السيد جلال الحسيني في روايته
القسم الاول:
((ذكريات ما قبل الزواج))
الفصل : 1
((موت امّي))
كنت جالسا في البيت وانا في الصف الرابع الابتدائي ؛ سمعت صرخات اذابت قلبي حين ولادة اخي الصغير
وفي النهاية ؛ جاء المولود الى الدنيا؛
ولكن مرضت اُمي ؛ وبقيت في مرضها سنة كاملة ؛ الى ان توفيت رحمة الله عليها ودفنت في صحن امير المؤمنين عليه السلام بين باب القبلة للصحن الشريف وباب الحرم المبارك ؛بعد ما عانت من آلام المرض والفقر اللهيبين القاسيين.
وبقيت يتيما؛ولي قلب صغير لا أعي من مستقبلي شيئا , ولا ادري كيف ستكون لي الدنيا وهي خالية من اُمي ؛
كنت اشعر بان قلبي عطشان لشربة من حنان الام
وكلما رأيت طفلا يساير امه ؛ لم املك زمام عيني بل صوبت نظراتي البريئة نحوهما وابدء بالدعاء للام فاقول:
يارب انا حرمت من مسايرة أمي فلا تحرم هذا الغافل عن نعمة الام من مسايرة اغصان الحنان التي تحتضنه ؛ واحفظها له .
كم هو عذب ان يمشي الانسان مع امه؟!
وكم جميل حينما يكون في المدرسة يرتع ويلعب لانه يأمل ان يعود للبيت وأحضان امه الدافئة بالحنان والود تنتظره
نعم ؛ وكلما شعر بوخزة من ألم الجوع تذكر ان امه وهي تنتظره على المائدة الشهية ؛ فيزداد فرحا واملا ؛
وانا اليتيم من ينتظرني؟؟
ومن يسلي احشائي المكلومة من جراح الجوع وفقدان منبع الحب والشفقة ؟؟؟
فابدء بالدعاء لكل اُمٍ في الوجود!!
اللهم احفظ كل ام في هذه الدنيا ؛ لان وجودها يسلي حتى اليتيم المحروم منها ؛ حيث يطمئن ان في الوجود أمّا ؛ فوجودها وان لم تكن امي يبعث الامل في قلبي....
ثم اعود فاناجي الطفل مرّة اخرى فاقول له :
حبيبي الصغير
آه — آه --
لو تعلم ما في قلبي من الصرخات والآلآم من فقدان امي ؛ لمتّ خوفا لفقدانها منك!!
اتمنى لو كانت امّي لكنت احملها على عنقي..
لا -- لا -- اخشى ان تسقط امي !
بل احوك لها من رموش عيني سجادة موردة وافرشها على قلبي ؛
آه --
وهذا الطفل غافل عن اُمه !!
يا طفل كيف لا تلتفت ان لك أمّا ؟
كنت هكذا كلما سرت في الطرقات وهذه تاملاتي التي تبكي على قلبي.
وفي كل ليلة حينما
أنام ؛افكر:
ان استيقظت فمن سينتظرني؟؟
ومن يهمه امري بقيت نائما ام استيقضت؟
لا اعلم عزيزي القارئ هل تقبّل يدي امك؟
افكر لوكان لي ام ؛
لكنت في كل ليلة اقبل اقدامها التي مشت بها طول النهار لخدمتي واحتضاني.
ارجوك لاحظ حروفها التي صاغها الرحمن للام ؛ كلمة الأم تجمع لك الشفتين حينما تنطق بها وكأنها تحتضنك باضلاعها.
سبحان الله نحن نغفل عن نعمة وجود الله فكيف لا نغفل عن نعمة وجود الام؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل : 2
( الحنان واحضان الزوجة)
حينما فقدت امي بقيت متحيراً في نفسي افكر دائماً هل ان الله سبحانه عوّض الانسان بحنان من نوع آخر لكي يملئ فراغ الحنان عند من فقد امه؟؟
الى ان سمعت مقالةً لاحدهم يقول :
*ان من فقد الحنان في احضان امه سيجدها في احضان زوجته* !
فابتهجت فرحا وسررت مرحا أن حصلت على ثدي حنان ارتشف منه بغيتي ان صح ما يقوله صاحب المقال..
وهنا بدأت افكر في نفسي ؛ هل ان الزوجة تعلم بهذا الامر الخطير؟
وهل تعلم الزوجة بان الرجل الذي يأتي للحياة الجديدة باي امل ياتي؟؟
وما هو توقعه من زوجته ؟؟
بقيت متفكرا في هذه الامور وانا بين اليأس والرجاء!!
فكم جميل لو كانت تعلم الزوجة بان الزوج باي امل يقدم للزواج منها ؛فتحاسب نفسها ولو للحظات ؛ هل انها ادت ما عليها؟
بحيث لحظة الموت حينما تفتح عينيها بوجه امير المؤمنين عليه السلام تستطيع ان تقول :
أوفيت يا امير المؤمنين؟؟
كما كان يقولها أصحاب الامام الحسين عليه السلام حين الشهادة لامامهم عليه السلام .
وهناك روايات تقول بان جهاد المرأة هو حسن التبعل
عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام قَالَ : جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ [1]
و عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : كَتَبَ اللَّهُ الْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ فَجِهَادُ الرَّجُلِ بَذْلُ مَالِهِ وَ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ جِهَادُ الْمَرْأَةِ أَنْ تَصْبِرَ عَلَى مَا تَرَى مِنْ أَذَى زَوْجِهَا وَ غَيْرَتِهِ [2]
و عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَتَبَ عَلَى الرِّجَالِ الْجِهَادَ وَ عَلَى النِّسَاءِ الْجِهَادَ فَجِهَادُ الرَّجُلِ أَنْ يَبْذُلَ مَالَهُ وَ دَمَهُ حَتَّى يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
عَزَّ وَ جَلَّ وَ جِهَادُ الْمَرْأَةِ أَنْ تَصْبِرَ عَلَى مَا تَرَى مِنْ أَذَى زَوْجِهَا وَ غَيْرَتِهِ .[3]
وهل تعلم ان من حسن التبعل ان تملئ فراغ الحنان في مشاعر زوجها كما قالت المقالة:
(ان من يفقد الحنان من امه يجده في احضان زوجته)
اصابتني هذه المقالة بحالات مختلفة :
مرةً افكر في نفسي بأني وجدت ضالتي المنشودة وسأرتوي من ماء عذب؛ وعين صافية من الحنان في احضان الزوجة؛ فلا عطش بعد اليوم؛
فحينها تراني متفائلا بكل شيء وارى كل شيء يبتسم في وجهي !!
ومرةً افكر بان الزمان بيني وبين الوصول الى هذه العين الفيّاحة بعيد ؛ بعيد جدا ؛لاني لا زلت صغيرا ولا اعلم سأصل اليها ام لا؟؟
فحينها ارى كل شيء يعبس في وجهي !!
الى ان وصلت لابواب الغاية المنشودة ؛ حيث بلغت سناً يجرؤني ان ابوح بما يجيش في صدري.
وبدأت افكر من اين ابدأ؟
وكيف ساختار ؟
وعلى اي شجرة استقر ؛ لتحقق امنياتي ؟
ومن اي غصن اقتطف زهرتي؟
فرأيت ان افضل شيء هو البحث عن صفات المرأة المثالية في القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام .
ثم اقيس بينها وبين ما رأيت من النساء في جامعة بغداد وبنات الاقرباء
وغيرهن...
[1] الكافي: ج 5 ص 507.
[2] الكافي: ج 5 ص 9.
[3] من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 439.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل : 3
- ((الصداقة قبل الزواج)) -
كان لي زميل في جامعة بغداد ؛ قال لي يوما: انك مخطأ في اسلوب اختيارك للزوجة !
قلت له : ولماذا ؟
قال لي : لان افضل سبيل للوصول للزوجة التي تتمناها هو ان تصادق فتاة كما انا صادقت فلانة ؛- وذكر لي فتاة من جيراننا كنت اعرف عائلتهم وهم اناس كرام وشخصيات معروفة- !!
ثم تابع قائلا : وبعد ان تعرفت عليها وعلى اخلاقها تتزوج منها .
قلت له: ابدا لا ارى ان هذا العمل صحيح لاسباب :
1- يجب ان يكون ذلك برضا والديها وعدم ارتكاب الحرام معها ؛ لانك ومجرد ان تذهب لطلب الصداقة مع ابنتهم فلا يرضيا لانهما يطلبان منك الخطوبة وبصورة رسمية
؛ الا ان تكون باحثاً عن زوجة من عوائل غير مرغوب بهم ؛
وعادةً هذه العوائل لا تفي بناتهم لك ؛ وان رضيت بك ومدحتك بما ليس فيك فانها ستذمك بما ليس فيك من المذام ؛ كما ورد عن امير المؤمنين عليه السلام :
* من مدحك بما ليس فيك من الجميل و هو راض عنك ذمك بما ليس فيك من القبيح و هو ساخط عليك.[1]
* من مدحك بما ليس فيك فهو خليق أن يذمك بما ليس فيك.
* من مدحك بما ليس فيك فهو ذم لك إن عقلت.[2]
فالفتاة التي تخون والديها بهذه الرابطة كيف تتوقع ان تفي معك؟
قال: صديقي : انني استطيع ان ارضيهما بعد ان تنتهي مرحلة الصداقة مع ابنتهم .
قلت له : انا لا اعتقد انك ستنجح بطريقتك هذه؛لان اي عمل بدايته معصية حتماً عاقبته تكون سيئة؛
(( وبلفعل كانت النتيجة المأساوية هكذا كما ستقرؤن ان شاء الله تعالى((
2- قلت لزميلي ان اي علاقة ان كانت بعد الزواج عادةً وعلى اصح الاحتمالات تكون موفقة لانه سينمو الحب مع نمو الروابط بينهما ولا يعيشان حالة العطش المكبوت .
ان الشارع المقدس حينما جعل قوانين في الخطوبة وحدد المقدار الذي يجوز نظر بعضهما لبعض كان يعلم بان لا حاجة لاكثر من ذلك ولا يكلف الله نفسا الاوسعها .
وانت بعد ان تتزوج من صادقتها اولا لا يتركك الشيطان ويبدء بالوسوسة في صدرك قائلا :
*هي هذه التي عملت ما عملت معك خائنة لربها ولوالديها ؛ كيف تتوقع منها الوفاء ؟
3- ان الزوج ان كان حكيما ولبيبا يستطيع ان يربي الزوجة حسب ما يحب بعد الزواج وقلبه آمن من وساوس الشيطان ؛ ودائما ان حدث بينهما نزاع يتذكر عفتها ونجابتها فيغض النظر عمّا سواها من المشكلات والمصاعب؛ ويدفع بالتي هي احسن فيكونا حميمين كما وعد الله سبحانه ذلك في القرآن الكريم:
وَلا تسْتوِي الحَسَنَةُ وَلا السيئَة ادْفَعْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [3]
[1] شرح نهج البلاغة: ج 20 ص 274.
[2] غررالحكم: ص 467.
[3]فصلت: 34
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل 4
- ((التمتع بالباكرة)) -
ولکن صديقی اصر على قوله وبدء بعلاقاته معها الى ان جاءني يوماً وهو فرح ؛ مسرور جداً!!
قلت له: ما دهاك أراك فرحاً ؟؟ والقرآن الكريم يقول :
(إِذ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تفرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ) [1]
قال: واعدت صديقتي ان اذهب معها الى بابل - وهي منطقة قريبة من مدينة الحلة ؛ القريبة من النجف الاشرف ؛
يقال ان نمرود اراد ان يحرق ابراهيم الخليل - على نبينا واله وعليه السلام - في هذه المنطقة ؛و كان يعقوب فيها حينما اخذ ابنائه يوسف - على نبينا واله وعليه السلام - ومنها ذهبوا ا لى مصر . فهي من المناطق الاثرية السياحية المهمة-
قلت له :يعني ترتكب ما حرم الله سبحانه؟؟
قال لي : لا ابداً ؛ وانما اتمتع بها.!!
قلت له :وهذه باكر وهل يجوز التمتع بالباكر ؟؟
قال لي :انا اقلد سماحة السيد محمد باقر الصدر (قدس سره ) وهو يجوّز ذلك .
قلت له : وهل سألته بنفسك ؟؟
قال: لا ؛ وانما نقل ذلك لي الاخ (...) - هذا الاخ الان هو طبيب جراح في بريطانية-
قلت له : حبيبي الم يقل العلماء ان من الموارد المتفق عليها بين فقهاء الشيعة هو الاحتياط في المال والدماء والفروج؟
فان لم تسمع بنفسك من السيد فلا تستعجل وأخر سفرتك حتى يتبين لك الحكم تماما .
لان صديقك ان لم يكن متيقنا فلعله كان خطآنا او انه قد افتى اليك من دون علم ؛ وليست الفتوى شأن كل احد ؛ هاك اسمع قول الائمة عليهم السلام في الفتوى لمن لم يكن من اهلها
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لَا هُدًى لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ وَ لَحِقَهُ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِفُتْيَاهُ [2]
وقال الامام الصادق عليه السلام:
لا يحل الفتياء لمن لا يصطفي من الله تعالى بصفاء سره و إخلاص علمه و علانيته و برهان من ربه في كل حال لأن من أفتى فقد حكم و الحكم لا يصح إلا بإذن من الله - عز و جل - و برهانه و من حكم بالخير بلا معاينة فهو جاهل مأخوذ بجهله و مأثوم بحكمه كما دل الخبر : العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء قال النبي صلى الله عليه واله أجرأكم الفتياء أجرأكم على الله عز و جل أو لا يعلم المفتي أنه هو الذي يدخل بين الله تعالى و بين عباده و هو الحائر بين الجنة و النار؟[3]
ثم قلت له: اما تعلم بان الفرق بين الحق والباطل اربعة اصابع كما ورد عن سيدنا امير المؤمنين عليه السلام قوله :
أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَةَ دِينٍ وَ سَدَادَ طَرِيقٍ فَلَا يَسْمَعَنَّ فِيهِ أَقَاوِيلَ الرِّجَالِ أَمَا إِنَّهُ قَدْ يَرْمِي الرَّامِي وَ تُخْطِئُ السِّهَامُ وَ يُحِيلُ الْكَلَامُ وَ بَاطِلُ ذَلِكَ يَبُورُ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ وَ شَهِيدٌ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ إِلَّا أَرْبَعُ أَصَابِعَ[4]
فارجوك ان لا تستعجل وكن محتاط في امر دينك0
اليس قال: الرِّضَا عليه السلام : أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ :أَخُوكَ دِينُكَ فَاحْتَطْ لِدِينِكَ بِمَا شِئْتَ.[5]
قال صديقي :لا تخاف عليّ ان الدكتور فلان هو ممن اعتمد عليه وهو عندي ثقة .
مع الاسف ان صديقي لم يسمع كل مواعظي!!
وبلفعل ذهب معها الى بابل وقضى النهار معها هناك وجاءني في الليل ثملا ؛ لايعقل أفي السماء هو ام في الارض ؟
من ذكرياته التي قضاها مع عشيقته المتمتع بها؛ وكان يردد امامي ما قالته له وما قال لها في سفرتهم0 وانا اقول له:
يا اخي دعني انام لان القرآن الكريم يقول: (وَلا تقفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا) [6]
فان الانسان مسؤل عما يسمع لانه ينصت ليستمع كما ورد في عن رجل وهو :
مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَقَالَ لَهُ:
رَجُلٌ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي إِنَّنِي أَدْخُلُ كَنِيفاً لِي وَ لِي جِيرَانٌ عِنْدَهُمْ جَوَارٍ يَتَغَنَّيْنَ وَ يَضْرِبْنَ بِالْعُودِ فَرُبَّمَا أَطَلتُ الجُلُوسَ اسْتِمَاعاً مِنِّي لَهُنَّ.
فَقَالَ : لا تفعَلْ فَقَالَ الرَّجُلُ: وَ اللهِ مَا آتِيهِنَّ إِنَّمَا هُوَ سَمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذُنِي .
فَقَالَ لِلهِ أَنْتَ أَ مَا سَمِعْتَ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا
فَقَالَ : بَلَى وَ اللهِ لَكَأَنِّي لَمْ أَسْمَعْ بِهَذِهِ الآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ أَعْجَمِيٍّ وَ لَا عَرَبِيٍّ لا جَرَمَ أَننِي لا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ أَنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَاغتسِلْ وَ سَلْ مَا بَدَا لَكَ فَإِنَّكَ كُنْتَ مُقِيماً عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ مَا كَانَ أَسْوَأَ حَالَكَ لَوْ مِتَّ عَلَى ذَلِكَ؟
احْمَدِ اللَّهَ وَ سَلْهُ التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهُ لا يَكْرَهُ إِلا كُلَّ قَبِيحٍ وَ القَبِيحَ دَعْهُ لأَهْلِهِ فَإِنَّ لِكُلٍّ أَهْلا.[7]
فقلت لصديقي :
اذن انا مسؤل عما اسمع منك وانت لم تحتط لدينك ؛ ومن ثم ما فائدة سماعي لما تقول غير انك ستثيرني وانا لا سبيل لي لارضاء نفسي .
ارحمني يا اخي واتركني بحالي!!
لا اخفي عليكم قرّائي الاعزاء ؛ ان عمله هذا آذاني كثيراً لاني بقيت حائراً هل اسرع في الزواج؟؟
وانا خائف من ان اقع في احضان باردة خالية من امنياتي في ارتشاف الحنان المنشود وتذهب امنياتي هدراً؛ او اصبر على طخية عمياء وابقى في جهاد مع نفسي لعدم السماح لها ان تستمر بالوساوس الشيطانية ؟
وكيف لي بالصبر وذكريات هذا الاخ تطنطن في اذني والمناظر المزعجة في الجامعة التي كانت في كل يوم تقابلني وبلهيب نارها تحرقني .
فقلت في نفسي فلابد ان اعلِّم نفسي الصبر وفقه الانتظار حتى اكون مستعدا لتاديب ذريتي في المستقبل كما قال امير المؤمنين عليه السلام في شرط من ينصب نفسه معلما للناس :
وَ قَالَ عليه السلام:
مَنْ نصَبَ نَفسَهُ لِلناسِ إِمَاماً فَليَبْدَأْ بِتعلِيمِ نَفسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ وَ ليَكُنْ تأدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تأدِيبِهِ بِلِسَانِهِ وَ مُعَلِّمُ نفسِهِ ومُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالإِجْلالِ مِنْ مُعلمِ الناسِ و مُؤَدِّبِهِمْ.[8]
[1]القصص: 76
[2] الكافي: ج 1 ص 42.
[3] مصباح الشريعة ص : 16.
[4] نهج البلاغة: ص 197.
[5] وسائل الشيعة: ج 27 ص 167.
[6]الاسراء : 36
[7] الكافي: ج 6 ص 432.
[8] نهج البلاغة: 480.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل – 5
(المؤمن مبتلى )
اخذت اناجي نفسي قائلا: يا نفسي : من يقول ان عمل صاحبنا هذا كان صحيحاً ؛ في عقده على الفتاة الباكر بدون اذن والديها؟؟
؛وان كان عمله اشتباها وتسرعا بدون احتياط فلماذا تؤذيني الوساوس حينما اتذكر ما نقله لي؟؟
ولذلك صممت ان اذهب بنفسي لسماحة السيد الصدر رحمة الله عليه واساله عن الحكم في هذه المسألة !!
وبلفعل ذهبت الى النجف الاشرف وسألت السيد رحمة الله عليه قائلا :
سماحة السيد ان احد الاصدقاء نقل عنكم بانه يجوز التمتع بالباكر وبدون اذن والديها؛ هل هذا هو فتواكم في هذه القضية ؟؟
قال رحمة الله عليه:
لا ؛ لا يجوز عندي!! قلت له :
سماحة السيد: ولكن فلان نقل عنكم جواز هذا ؛ واعتمد على نقله عنكم احد الطلاب الجامعيين وتمتع بصاحبته وهي باكر!! .
الله يعلم حينما سمع مقالتي سماحة السيد ؛ احمر وجهه حتى اني لا اعلم ما اصابني من انفعاله رحمة الله عليه اكان حياءا منه ام خفت منه؟
ثم قال : "ليش هيش" ؟!
وبعدها تابع السيد قائلا: ان المرجع الفلاني يُجوّز ذلك ؛ يمكنه ان يرجع في هذه المسالة اليه.
وبقيت متفكرا في غضب السيد رحمه الله تعالى؛ هل لانه فهم من سؤالي ان صاحبي قد تجاوز الحد المشروع معها ولذلك تاثر هذا التاثر كله؛ في حين ان صاحبي لم يتجاوز الحد في مزاحه ولواحقه مع تلك الفتاة ؛ والله العالم ؛ لاني لم اعلق على كلامه ؛ وما كان يهمني الا معضلتي في مدلهمات ايامي وجهادي مع نفسي
وحينما سمعت كلام سماحة السيد ؛ وعرفت ان صاحبي اخطأ في عمله هذا وانه ارتكب عملا من دون احتياط لمعرفة الحق قبل ان يعمل ؛ لاني لا اقول هو اصاب ام اخطا
وليس من شأني ان احكم على احد ولكن اقول : كان ينبغي له ان يعرف الحكم قبل ان يقدم على العمل ؛ وانا قد نبهته بان يسأل قبل الفعل بدقة ؛ ولكن تسرعه
لحصول لذته الملتهبة ؛ وهيامه في عالمه السحري ادت به الى ارتكاب ما ارتكب ؛وقد قال الامام الصادق عليه السلام:
لَا تَثِقْ بِأَخِيكَ كُلَّ الثِّقَةِ فَإِنَّ صِرْعَةَ الِاسْتِرْسَالِ لَنْ تُسْتَقَالَ
[1]
فقد ورد في كتب اللغة العين ومجمع البحرين عن الاسترسال :
و الاسترسال : إلى شيء كالاستئناس و الطمأنينة،
[يقال: غبن المسترسل إليك ربا].
و الاسترسال: الاستيناس و الطمأنينة إلى الإنسان و الثقة به فيما يحدثه، و أصله السكون و الثبات.
فان من استعجل بالامر بدون رويّة وصبر وبدون تامل للعواقب ؛ قد يصاب بما لا يحمد عقباه وما لا يمكنه ان يتخلص من اثار تسرعه.
وهنا هدأت قليلاً وقلت لا خير في عدم الاحتياط ؛ وكم نبهت صاحبنا وقلت له: ان الامام عليه السلام يقول :
اخوك دينك فاحتط لدينك .
ورجعت افكر بقضيتي مرة اخرى. حيث ان الجو الجامعي المشحون بانواع البنات لا يدع المؤمن يهدء عن البحث عن متخلص له لينجو بدينه ؛ وكان الجو الجامعي بين بنات محجبات وبنات سبحان الله اشد من العاريات كما ورد في كتاب :
منلايحضرهالفقيه 3 390 باب المذموم من أخلاق النساء و صفاته
وَ رَوَى الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ وَ هُوَ شَرُّ الْأَزْمِنَةِ نِسْوَةٌ كَاشِفَاتٌ عَارِيَاتٌ مُتَبَرِّجَاتٌ مِنَ الدِّينِ دَاخِلَاتٌ فِي الْفِتَنِ مَائِلَاتٌ إِلَى الشَّهَوَاتِ مُسْرِعَاتٌ إِلَى اللَّذَّاتِ مُسْتَحِلَّاتٌ لِلْمُحَرَّمَاتِ فِي جَهَنَّمَ خَالِدَاتٌ .
ومع الاسف فان بعض المحجبات كأنها ترى المؤمن لها محرم لانها محجبة وهذا مؤمن .
ناسية ان الغريزة غريزة ؛ والظاهر مؤمن اما الباطن فان الكل بحاجة انسانية لاتمام فجوات الحياة الغريزية بما هيأ الله تعالى للرجل من جنسه اُنسا لطيفا و رقيقا ؛ والفرق ان المؤمن نفسه منه في عناء والناس منه في راحة ؛ لانه يخاف الله تعالى ويخاف حسابه في الاخرة ؛ ففي الحقيقة مصيبته اشد .
وحينها فكرت في نفسي ان اسير بالطريق العرفي الشرعي لأخطب بنت احد الاقرباء عسى ان اتخلص من الصراع مع نفسي واحصل البغية الحنانية المنشودة .
[1] الكافي: ج 2 ص 672.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل 6
- ((حمرة الوجنتين)) -
كانت احدى البنات من معارفنا الذين يسكنون قريب الجامعة ؛ كلما ذهبت لبيتهم ويصادف انها تفتح الباب لي ؛ اراها وقد أحمرّ وجهها ؛ وكأن لسان اللهيب القاسي يؤجج ما في كوامن وجودي من الشوق للمستقبل المترقب!
ففكرت ان ارسل لها رسالة لتستعد ليوم خطوبتي منها.
وكان الدافع الاساسي للرسالة عوامل شتى ؛ منها وسوسة سماحة الزميل الملتهب بغريزته وسفرته الخاطئة ؛ والتي كان نتاجها العداء بينهما؛ وجاء اقارب البنت يتوسلون بي ان اجمع بينهما لان سماحته لم يقبل ان يتزوجها ابدا ويقول لم يعجبني عفافها وكيف هي خدعت بي ومن يقول انها لم تخدع بغيري وتسافر معه كما سافرت معي ؛ ومن بعدها اصبحت حياتها ماساة ومعانات شاقة وعظيمة وقصتهم طويلة عريضة ؛ بالضبط كمااخبرتك قرائي الاعزاء ؛
وهو طبيعي لكل من لم يؤسس حياته على التقوى :
*أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانهَارَ بِه ِفِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[1]
والعامل الاخر الذی دفعني لكتابة الرسالة؛ هو عامل مهم ؛ بل هو ام المصائب لکثير من الشابات وللاكثرية من الشباب المساکين!!!
وهي الطامة الكبرى؟؟
حمرت الوجنتين!!!
حمرة كانت تعلو الوجنتين من خجل** خلتها حمرة عشق علت الخدين من فرط الوله
ولحظة كُشف الوهم وبدد المرح
ان الكثير من الشباب حينما يرى ان فتاة تنظر اليه ؛ فلا يشك انها عشقته ويسرح ويمرح بافكاره؛ويخطط ليل نهار لها؛ ساهرا ليله ؛ ولايشك هذا المسكين ان هذه الحورية كذلك ساهرة في حبه !!!!
بينما هي لا تعلم ولا تحلم بهذا الطائر المسكين الذي القى بنفسه فيقفص حبها ؛ وهي غافلة عنه ؛ وكانت نظراتها غير مقصودة بل هي سارحة بهمومها
تفكر بقضاياها التي تنم عن برائتها.
*إِنّ َالذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الغَافِلاتِ المُؤْمِنَاتِ لعِنُوا فِي الدُنيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[2]
قارئي العزيز:
لا تنسى باني بدأت من اول يوم باحثا عن منبع الماء المعين لزوجة عفيفة تحتويني وتملئ مشاعري حنانا؛ واذا بي اجد نفسي قد رُبطت في قفص الشيطان وحبائله ؛
الشيطان وما ادراك ما الشيطان ؛
يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبينٌ [3]
فانه ألقاني في متاهات بين هضاب وتلال من الاشواك المسمومة ؛فبدأت اركض وراء ما يروي الشهوة وينجيني من آلام الغريزة؛ مثل كثير من الشباب يبدء بريئا طاهرا
ولكن بخطط شيطانية ينسى الحقيقة فلا يجد نفسه الا وهو في شبك ابليس !!! وكل تلك الحبائل اجتمعت بهذه القصة التي وقعت فيها؛ فان احمرار الوجنتين كان اكبر شبك ابليس في طريق برائتي
وكان احمرار وجهها جمرة مشتعلة في قلبي لا اشعر معها أفي شتاء انا؛ أم في الصيف؟وكلما واجهتها؛ كأني حصلت لنفسي مفتخرا اذهب الى صاحبي المتمتع واقول له:
وانا ايضا حصلت على البغية الموعودة ؛ وهذه من آثار رفيق السوء كما ورد
لقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله قال: إنما مثل الجليس الصالح و جليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير فحامل المسك إما أن يحدثك و إما أن تبتاع منه و إما أن تجد منه ريحا طيبة و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد ريحا خبيثة.[4]
[1]التوبة : 109
[2] النور: 23.
[3] البقرة: 208.
[4] مجموعة ورّام: ج 2 ص 266.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل 7
- ((الرسالة الخائبة)) -
تبين لي بالمستقبل بان هذه المسكينة ؛ انما كان يحمر وجهها لا لحبها لي ! بل لانهم لا يملكون شيئاً في البيت ليقدموه لي ؛و كما عرفت فيما بعد بان في بعض الاحيان يقدمون لي طعامهم وهم يبقون جياع ؛ وكانت الفتاة صغيرة السن و ليست في عالمي ؛ لذلك كانت تسأم قدومي لبيتهم ؛ ولهذا الانزجار من ورودي لبيتهم يحمرّ وجهها ؛
وانا المسكين سارح ؛ هائم بخيالاتي الواهية ؛ وكنت لا اشك باني قد حرّمت النوم عليها لقدومي لبيتهم حيث انها تعشقني
وكنت اتصور انها بشباك عشقي حائرة وهي مفكرة كيف ستبوح به ؛ ولكي اخلصها من هذه الهموم و الحيرة ؛ بعثت لها رسالة بيد اختي الصغيرة بعد ان طلبت منها ان يكون الامر سرّا بيننا لاني اردت من ذلك فقط اعلامها باني اريد ان اخطبها بالشكل الرسمي والمتعارف شرعا وعرفا0 وليرتاح ضميرها السهران في انتظار هذه اللحظات التي خدعني الشيطان بانها حقيقة ارسلت تلك الرسالة ؛ وبنيت لنفسي من هذا العشق الموهوم بيتا بماء السراب وطين الخيال.
وكان في الرسالة:
(اني اريد ان اخطبكِ من ابيك لو سمحتي ؛ واردت اعلامك كي تستعدي...).
-كانت الفتاة في حالة تنظيف الخضار الذي جلبها لهم ابوها - دخلت اختي واعطتها الرسالة ؛ وانا جالس على لهيب نار الانتظار لمعرفة النتيجة واذا باختي خرجت مهرولة ومولولة ؛ ثم صرخت ما كتبت في الرسالة ؟!!
قلت لها : اني كتبت لها :
اني .... والان افكر ان اقدم على الخطوبة منك وانما كتبت هذه الرسالة لكي تكوني على علم من الموضوع.
قالت اختي : انها حينما قرأت الرسالة ؛ صرخت وبكت وقالت سوف اخبر والدي !!
فقلت لاختي: اكتمي الامر ؛واتركي الموضوع لكي افكر ماذا ساصنع.
وخرجت مسرعا من البيت نحو القسم الداخلي للجامعة .
وهنا اصابتني حالات واضطرابات لا اعلم المخرج منها !!
اولا : فكرت باني يجب ان ارمم الجرح الذي سببته لهذه الفتاة ؛ وارتق ما فتقتُ من صمت عفتها ؛ انها كانت غافلة عما انافيه من الاوهام.
ثانيا:
علمت بان الشيطان يخيّل للشباب قضايا لا اساس لها ويصوّرها له بشكل بحيث لايشك معها بانه على صواب في حين انه مخدوع بخططه ؛ ولو كنت اسمع للقرآن نداءه وللرسول الكريم وآل البيت عليهم السلام نصائحهم ما وقعت في هذه الخدعة الشيطانية وقد قال الله سبحانه:
وَ لأُضِلنهُمْ وَ لأُمَنيَنهُمْ وَ لآمُرَنهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأَنْعامِ وَ لآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبيناً .[1]
فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ.[2]
إِنَّ الشَّيْطانَ لِلإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ[3]
وَ قُلْ لِعِبادي يَقُولُوا الَّتي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلإِنْسانِ عَدُوًّا مُبيناً
إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعيرِ[4]
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَني آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبينٌ.[5]
فعرفت وبصورة لا اشك فيها بان هذه المسكينة لم تكن ولا للحظة واحدة فيما انا فيه ؛ وكونها في كل هذه المدة التي كنت افكر انها مغرمة بي وهائمة في حبي وهي تنتظر هذه اللحظات بشغف كل هذه الافكار كانت من خطط ابليس اللعين.
وفي القسم الداخلي حيث ودعني النوم وفارقني باكيا على حالي !!
آه ...آه ...هنا جاء دور.. منبع الحب والحنان دور المسلية لكل المصائب
ألامْ !
ففكرت لو كان لي أم لكنت اضع رأسي في احضانها وهي تمسح عن عيوني الدموع الساخنة التي تخرج مع زفرات قلبي المكلوم. وكنت كلما جاء الليل قلت سأترك الزواج ريثما اكمل البكلوريوس وأبقى في صراع مع نفسي لتنسى مرارة الخدعة؛ وكلما ذهبت للجامعة رأيت الغانيات القاسيات اللواتي يتفننّ بابراز مفاتنهن باجمل صورة ولا يهمها انها ستسبب لهؤلاء الشباب فتنة يخونون بسببها ربهم بخائنة الاعين ويخططون للقرب منها لا ليعيش معها ويكرمها بعز؛ بل ليتمتع معها بلحظات استجابة لهوى النفس وتمتعا بوساوسها
ويحاول اقناعها بكل صورة بانه يحبها لا ليبني حياته معها بل لتبيع نفسها رخيصةً له ثم ...بعد ان حصل المراد يعيد الكرة مع التي بعدها وهكذا ....
فالذي يعيش الالم كل الالم ،المؤمن الذي لا يريد ان يكذب ولا يخدع؛ ونفسه منه في عناء والناس منه في راحة!
[1] النساء: 119.
[2]الاعراف: 22.
[3] يوسف: 5.
[4] فاطر: 6.
[5] يس: 60.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل 8
(فتاة حمراء الشعر)
كان لي صاحب معي في كليتنا ببغداد ؛ وليس صديقا لان الصاحب قد لا يكون صديقا كما في صاحبي السجن ليوسف عليه السلام:
يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ [1]
؛و هناك فرق وتفاوت بين درجات الوثاقة بين الاصدقاء ولابد ان نجعل الفرق واضحا في تعاملنا مع كل واحد منهم ؛ كما قال امير المؤمنين عليه السلام في هذه الرواية المباركة :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَامَ رَجُلٌ بِالْبَصْرَةِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنِ الإِخْوَانِ فَقَالَ:
الإِخْوَانُ صِنفَانِ إِخْوَانُ الثقَةِ وَ إِخْوَانُ المُكَاشَرَةِ فَأَمَّا إِخْوَانُ الثقَةِ فَهُمُ:
الكَفُّ وَ الجَنَاحُ وَ الأَهْلُ وَ المَالُ فَإِذَا كُنتَ مِنْ أَخِيكَ عَلَى حَدِّ الثقَةِ فَابْذلْ لَهُ مَالَكَ وَ بَدَنَكَ وَ صَافِ مَنْ صَافَاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ اكْتُمْ سِرَّهُ وَ عَيْبَهُ وَ أَظهِرْ مِنْهُ الحَسَنَ وَ اعلَمْ أَيُّهَا السَّائِلُ أَنهُمْ أَقَلُّ مِنَ الكِبْرِيتِ الأَحْمَرِ؛
وَ أَمَّا إِخْوَانُ المُكَاشَرَةِ:
فَإِنَّكَ تُصِيبُ لَذَّتَكَ مِنْهُمْ فَلا تَقطَعَنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَ لا تَطلبَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ ضَمِيرِهِمْ وَ ابْذلْ لَهُمْ مَا بَذَلوا لَكَ مِنْ طَلاقَةِ الوَجْهِ وَ حَلاوَةِ اللسَانِ.[2](انتهى)
؛فقال لي صاحبي يوما سيد هل تعرف (فلانه)؟؟
قلت لا!! ومن هذه الفتاة ؟؟
قال معك في نفس القاعة منذ ثلاث سنين0
قلت: لا والله ابداً ما رأيتها ا!
ونحن نتحدث صرخ صاحبي انظر- انظر- بسرعة هي هذه! الغزالة المبحوث عنها
واشار الى فتاة حمراء الشعر والوجه ؛ وكانت غير محجبة تماما وقال هذه من مدينتك تسكن في الكوفة ؛ حاول ان ترتبط بها لكي تستطيع ان تذهب معها في كل ليلة جمعة من بغداد الى الكوفة وانت جالس جنب الى جنبها في السيارة وتقضي معها اوقات ممتعة في الطريق ثم واعدها للعودة الى بغداد معا .
قلت له:
معاذ الله ؛ ابدا لا اكون احمقا بسماع وسوستك لاني احب ان أحفظ نفسي طاهرا عفيفا كما احب ان اتزوج بنة طاهرة عفيفة ؛ ارجوك اتركني ولا تعد لمثل هذه الاقتراحات الشيطانية ويكفيني ما انا فيه من الوساوس.
وكلما عدت من الجامعة للقسم الداخلي كنت اشعر بهجمة الوساوس من المناظر التي كانت تصادفني فكنت اقول :
السلام عليكم اهل البيت كم قلتم رُب نظرة زرعت شهوة ؛ ورب نظرة جلبت حسرة. ؛ والنظرة سهم من سهام ابليس0 وفي رواية اخرى غضوا ابصاركم ترون العجائب
وقد قال الامام الصادق عليه السلام:
ما اغتنم أحد بمثل مااغتنم بغض البصر لأن البصر لا يغض عن محارم الله تعالى إلا و قد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة و الجلال ؛سئل أمير المؤمنين عليه السلام بما ذا يستعان على غض البصر؟؟؟
فقال عليه السلام:
بالخمود تحت السلطان المطلع على سرك والعين جاسوس القلوب و بريد العقل فغض بصرك عما لا يليق بدينك و يكرهه قلبك و ينكره عقلك؛ قال النبي صلى الله عليه واله:
غضوا أبصاركم ترون العجائب
قال الله تعالى:
قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغضوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحفَظُوا فُرُوجَهُمْ(النور)
و قال عيسى ابن مريم عليه السلام للحواريين:
إياكم و النظر إلى المحذورات فإنها بذر الشهوات و بنات الفسق .
قال يحيى عليه السلام: الموت أحب إلي من نظرة بغيرواجب[3] .
[1] يوسف: 39.
[2] الكافي: ج 2 ص 248.
[3] مصباح الشريعة ص : 10
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل (9)
(السيد الكشميري)
وكنت في بعض الاحيان اهرع مهرولا نحو ملجأ العاصين الامامين الكاظمين عليهم السلام واشكو اليهم ما اعاني من مصارعة النفس الامارة .
كنت اذهب الى الحرم الشريف وابكي لينجّيني الله سبحانه من المعصية .
واخيرا عزمت على ان اخلص مسالة الخطوبة ؛ فاما ان ايأس وفي اليأس راحة كما قال امير المؤمنين عليه السلام :
* لو تميزت الأشياء كان الكذب مع الجبن و الصدق مع الشجاعة و الراحة مع اليأس و التعب مع الطمع و الحرمان مع الحرص و الذل مع الدين.[1]
فقلت: ساستخير فان خرجت الاستخارة غير جيدة اترك الموضوع واشتغل بالدرس ؛ او تخرج جيدة فاجاهد حتى اصل للنتيجة ان كان مقدرا لي باذن الله تعالى ؛ وصممت ان اذهب الى النجف الاشرف لاستخير لهذا الامر عند السيد الكشميري – رحمه الله -؛ وكان السيد عبد الكريم الكشميري يستخير ويخبرك بما في نيتك بما يدهشك وهو من المعروفين بين المؤمنين باستخاراته وكان سماحة السيد من تلاميذ جدي السيد عبد الغفار المازندراني واخذ منه السجدة اليونسية وكثيرا ما كان ياتي لبيتنا في الكوفة ويجلسون مع الوالد والاخرين ويتحدثون بقضايا عجيبة فرحمة الله عليهم اجمعين .
وكان رحمة الله عليه يذهب ليالي الجمعة الى كربلاء النور الحزين ويصلي اِمام جماعة عند الباب الذي يقابل التل الزينبي وهو التل الذي وقفتْ عليه السيدة - ؛ بطلة الوجود ؛ السيدة التي قهرت الصبر بصبرها في حملها لواء الانبياء عليهم السلام جميعا - وهي تنظر الى اخيها وهو في المعركة ساقط على الارض فنادت:
((قال فو الله لا أنسى زينب بنت علي عليه السلام و هي تندب الحسين و تنادي بصوت حزين و قلب كئيب : وا محمداه صلى عليك مليك السماء هذا حسين مرمل بالدماء مقطع
الأعضاء و بناتك سبايا إلى الله المشتكى و إلى محمد المصطفى و إلى علي المرتضى و إلى حمزة سيد الشهداء وا محمداه هذا حسين بالعراء يسفي عليه الصبا قتيل أولاد البغايا يا حزناه يا كرباه اليوم مات جدي رسول الله يا أصحاب محمداه هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا.[2](انتهى))
وبعد اداء صلاتي المغرب والعشاء كان السيد الكشميري يذهب للزيارة ؛ وفي ذلك اليوم الذي اردت الاستخارة عنده ذهبت الى الزيارة وبعد الصلاة ذهبت مع والدي وسماحة السيد المرحوم الى مقابل الضريح وخلفنا باب القبلة فطلبت من سماحته ان يستخير لي :
ففتح القرآن الكريم ثم نظراليّ نظرات معبرة وقال .... وهو يرتل آية الاستخارة؛
وفهمت من نظراته انه ما اراد ان يتكلم ووالدي جالس بجنبي فقال لي : انا اقرء الآية وانت ستفهمها:
((فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنّ َأَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلّ َوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَاهَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيم[3]))
ثم التفت اليّ وقال : افهمت ؟؟
بقيت حائراً ماذا اقول له ؟
ان قلت فهمت ستذهب الفرصة من يدي في توضياته المعروفة المميزة التي لا غنى لي عنها.
وان قلت لم افهم فسيوضح الآية المباركة ولكن سيفهم والدي كل شيء؛ وقد تحدث ما لا اتوقعه ويذهب كل شيئ ادراج الرياح .
ولكنني رجّحت ان اقول ما فهمت وان حدث ما حدث ولعل الله سبحانه ببركة الحرم الحسيني يليّن قلب والدي ويكون التوضيح فاتحة خير لي .
فقلت سيدنا : ان أمكن ان توضحوا الاية.
فقال : هذه فتاة لها كذا خصوصية ....... تريد ان تتزوجها وبينكم رسالة وسكت.
وهنا بدأت نظرات الوالد – المرحوم — تصوّب سهام الاستفهام نحوي وانا ارتعش لمعاني متعددة :
لخوفي من الوالد - من فضيحة الرسالة -
وارتعاشات الامل وفرحة السقوط على غصن الورد المعطربشذاها الحسيني ؛ واتجه قلبي نحو الامام الحسين عليه السلام وهو يتمتم آيات الشكر والثناء والسؤال منه عليه السلام والرجاء لاتمام الامر بسلام .
وقد ورد دعاء عن الامام الرضا عليه السلام في مثل هذه المواقف تقوله حينما تريد ان يتمم الله لك حاجتك بسلام كما ورد عن.
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ العَبَّاسِ قَالَ كَانَ الرِّضَا عليه السلام يُنْشِدُ كَثِيراً
إِذَا كُنْتَ فِي خَيْرٍ فَلا تَغْتَرِرْ بِهِ * وَ لَكِنْ قُلِ ((اللَّهُمَّ سَلِّمْ وَ تَمِّمْ[4][5]))
فان كنت تريد ان تنجز امر من الخير فقل: اللهم سلم وتمم .
فكلما اذكر قضية اريد انجازها وقبل ان تتم؛ كلما ذكرتها قلت قول الامام الرضا عليه السلام: ((اللهم سلم وتمم)) .
بعد الرجوع من كربلاء الحبيبة وقبل ان اتحدث مع الوالد بالموضوع فررت من النجف الاشرف الى بغداد حيث الكلية والدراسة .
وبدأت افكر واخطط للامر الجديد في حياتي الجديدة وهي حياة ما بعد الاستخارة0 فرايت ان اول من اخبره بامر الاستخارة ؛ هي اختي التي ربتنا بعد المرحومة امي وضحّت بكل ما تملك من اجلنا حيث كنا عائلة كبيرة واكثرنا صغار وهي ايضا شابة صغيرة ومع صغر سنها قد تكفلت بكل شؤن المنزل على ثقله العظيم ؛كانت تقول لوالدي حينما يخطبوها:
لو اصبح شعري بلون اسناني لا اتزوج اِن لم يصل اخواني لامنياتهم في الحياة ؛والحمد لله الذي لم يخيبها حيث رزقها زوجا طيبا فوق ما كُنت اتوقع لها.
ولنا مع سماحة السيد الكشميري رحمة الله عليه مواقف جميلة جدا ان وفقت فساذكرها لانها حدثت معنا
[1] شرح نهج البلاغة: ج 20 ص 327.
[2] بحار الانوار: ج 45 ص 59.
[3] يوسف: 31.
[4] عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج49 ص111 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل 10
(الدعاء تحت قبة الامام الحسين عليه السلام)
قلت في نفسي اليس ان الدعاء تحت قبة الامام الحسين عليه السلام مستجاب كما في هذه الرواية :
وسائلالشيعة 14 452 45- باب استحباب اختيار زيارة الحسين
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام إِلَى أَنْ قَالَ مَنْ زَارَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَوَابَ أَلْفِ حَجَّةٍ وَ أَلْفِ عُمْرَةٍ أَلَا وَ مَنْ زَارَهُ فَقَدْ زَارَنِي وَ مَنْ زَارَنِي فَكَأَنَّمَا زَارَ اللَّهَ وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُ بِالنَّارِ أَلَا وَ إِنَّ الْإِجَابَةَ تَحْتَ قُبَّتِهِ وَ الشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ الْحَدِيثَ .
فقلت كما ان اختي الكبيرة كانت من اوفى ما عرف من الاخوات وضحت بعد امنا من اجلنا وبقيت معنا كام وفية فعلي ان اكون معها وفيا وادعو لها عند امامي الحسين عليه السلام قبل الدعاء لنفسي لذلك ذهبت تحت قبة الامام الحسين عليه السلام ومسكت الضريح المقدس ودعوت لها ولاختي الاصغر منها ونذرت ان استجاب الله تعالى دعائي ان اعتكف في مسجد الكوفة على ان يرزقهن زوجين صالحين الى مدة حددتها وقبل ان تصل المدة المعينة حقق الله تعالى ما طلبته ببركة سيدي ومولاي وامامي الحسين عليه السلام واعتكفت في المسجد والحمد لله رب العالمين.
نعود لساحة الانتظار في قضية الخطوبة :
أتصلت باختي واخبرتها بموضوع الاستخارة !!
قالت اختي :
انك تعلم ان لنا مع هؤلاء خلافات عائلية وانا لا ارغببهذا الامرلتلك الذكريات التي كأنها شوك مسموم يلسع قلبي .
اخبرتها بالاستخارة كي اليّن قلبها وقلت لها :
اختي اليس انت بمكان امي المرحومة ؛ ارجوك اعفي عنهم واصفحي من اجل اخوك الصغير ؛ الا تعلمي بان الامام الرضا عليه السلام قال:
فِي تفسير قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ : فَاصْفَحِ الصفحَ الجَمِيلَ: قَالَ العَفوُ مِنْ غَيرِ عِتابٍ.[1]
قلت لها : وما افعل يا اختي ابتليت باختيارها ؟
فقالت : لا باس من اجلك ساضحي بكل ما تشتهي نفسي وساخبر الوالد.
آه --- آه
كما تعلمون في سابق الايام ان النوم هجرني وقبل هجرته بكى عليّ.وعلى حالي ! والان بدء النوم ينعى و ينوح ويصرخ على حالي للهفة الانتظار المرّ.
و حيث ابطأ عليّ جواب اختي لم املك يديّ بل اطلقت سراحهما فاتصلت بالوالد وانا ارتعش فاخبرت الوالد بحاجتي للزواج كمقدمة لهدفي المنشود .
فاجابني الوالد:
لا يا ولدي هذا العمل غير صحيح؛ وينبغي ان تكمل دراستك وبعده نفكر في هذا الامر
فاستحييت وسكت وبقيت بصمت قاتل ونفسي كسفينة على جبال من امواج بحر لجّي افكر كيف ابوح لوالدي بقارورة قلبي المكسورة تحت اقدام ابليس لما اعاني من صراع مع نفسي وهواها ولكني رجعت خائبا ؛ وجلست ملوما محسورا
وكادت الحسرة تقتلني لولا تذكري للروايات التي قرأتها عن
كتاب الناموس
وهو كتاب فيه اسماء الشيعة باسماء آبائهم واُمهاتهم الى يوم القيامة 0
قلت في نفسي :
اذن لو كان مقدّرا لي الزواج وان يكون لي ذرية؛فلابد ان يكون اسمهم في كتاب الناموس وانا والدهم واسم امهم التي ستكون زوجتي موجودفي الكتاب ولايستطيع احد ان يمنع مقدراتي .
الرواية الاولى:
عن حبابة الوالبية قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن لي ابن أخ و هو يعرف فضلكم و إني أحب أن تعلمني أمن شيعتكم قال و ما اسمه قالت قلت فلان بن فلان قالت فقال يا فلانة هات الناموس فجاءت بصحيفة تحملها كبيرة فنشرها ثم نظر فيها فقال نعم هو ذا اسمه و اسم أبيه هاهنا [2]
الرواية الثانية :
عن داود الرقي قال قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام اسمي عندكم في السفط التي فيها أسماء شيعتكم؟ فقال : إي و الله في الناموس [3]
فلما تذكرت هذه الروايات كانما القواعلى فؤادي الجريح بلسما باردا من عين الحياة ؛عدت نشطا افكر بتامل وتعقل
[1] وسائل الشيعة: ج 12 ص 170.
[2] بصائر الدرجات: ص 170.
[3] بصائر الدرجات: ص 173.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل 11
(رضا امامك عنك )
فقلت في نفسي:
(رحم الله الوالد الطيب) انه لم يكن له انس باجواء الجامعة حيث لم يكن زارها او اطلّ على نافذتها حيث قال لي :
الا ترى اصدقاءك فيالجامعة كلهم يدرسون ومشغولون في الدرس فلماذا لاتقتدي بهم وتترك ذكر الزواج ؟؟؟.
وله كل الحق لانه كان على طهارة الجوهر بعيد عناجوائنا الملوثة ؛ والذي بعد عن اجواء الجامعة صعب جدا ان يفهمنا ويفهم همومنا .
قلت لوالدي :
يا والدي وانت تعيش في صدورهم وتعلم ما يدور في قلوبهم ؟؟ ؛
واستحي منك ان اخبرك بحقائق ما يدور في نفسي ؛ ان المؤمن في جهاده مع نفسه يعيش ازمات نفسية تتارجح بين رضى الله وسخطه ؟؟
الم يقل امير المؤمنين عليه السلام في صفات المؤمن:
الكافي 2 230 باب المؤمن و علاماته و صفاته .....
"...نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ أَتْعَبَ نَفْسَهُ لآِخِرَتِهِ فَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِه..."
ياوالدي : ليس المهم بناء صرح الدنيا وان فسدت الاخرة.
الم يقل جدي الحسين عليه السلام؟؟؟:
النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون
والله سبحانه يقول :
قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقتَرَفتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَ اللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفاسِقينَ(التوبة)[1]
وفي الحديث :
عَنْ يُونُسَ عَنْ سَلامٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنِ الإِيمَانِ؟
فَقَالَ: الإِيمَانُ أَنْ يُطَاعَ اللهُ فَلا يُعْصَى.[2]
ثم يا والدي : الاتفرح باني صريح معك وابوح لك بما يجري في قلبي؟! .
وبعد ان انتهى كلامي مع الوالد رحمه الله تعالى رجعت افكر في مصيبتي فقلت مع نفسي ؛:
انوالدي لا ينام في قبري؛ واهم شيئ ان اكون صادقا مع نفسي وانا اعرف بها من غيري ؛ وان تجاهلت ما اعلم منها فلا ينفعني تجاهلي!!!
والقرآن الكريم يقول :
بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلقَى مَعَاذِيرَهُ[3]
ثم ان هذه الاية صريحة :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [4]
فان الانسان لايضره ضلالة الاخرين ان هو عرف الهدى ؛
كما قال الامام الرضا عليه السلام لاحد اصحابه باسم يونس بن عبد الرحمان في هذه الرواية:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَخِيهِ جَعْفَرٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي الحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام وَ عِندَهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَأَوْمَأَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام إِلَى يُونُسَ ادْخُلِ الْبَيْتَ فَإ