السومرية نيوز/ بغداد
حذرت الكويت، الأحد، العراق من العودة إلى تهديد الأمن الإقليمي بعد
تلويحات بعض الجماعات المسلحة باستهداف ميناء مبارك، وفي حين دعت الحكومة
العراقية إلى التصدي لتلك المجاميع التي تعيد العراق إلى دائرة الشك، أكدت
استمرارها ببناء ميناء مبارك.
وقال رئيس مجلس الوزراء الكويتي ووزير الخارجية محمد الصباح في تصريحات
صحافية إن "التهديدات والأصوات النشاز من العراق وبعض المجاميع العراقية لا
تشكل تهديداً للكويت بقدر ما تهدد العراق نفسه"، محذرا "من عودة العراق
إلى تهديد الأمن الإقليمي بشكل عام".
وأضاف الصباح أن "الكويت احتضنت العراق وشعبه بعد سقوط النظام السابق،
وتحاول إعادته إلى مكانته المرموقة في محيطه العربي والإقليمي، كما ساعدته
على تطبيق القرارات الدولية للخروج من القيود التي وضعت عليه من قبل مجلس
الأمن بموجب الفصل السابع"، معربا عن أمله أن "يصدر أول رد فعل على تلك
التهديدات من القيادة العراقية، لأن هذه التصريحات تضرب مسعى تلك القيادة
لإقناع العالم بالعراق الجديد".
وتابع الصباح أن "هذه التهديدات صدرت من مجاميع بعضها مصنف كمجاميع إرهابية
قامت بقتل العراقيين"، داعيا الحكومة العراقية إلى "التصدي لهذه المجاميع
التي تعيد العراق من جديد إلى دائرة الشك والتهديد لأمن المنطقة".
وأكد الصباح أن "الكويت لا تنتظر أي شيء من العراق، وهي مستمرة ببناء ميناء
مبارك"، لافتا إلى أن "الحكومة العراقية تدرك بأن هذا المشروع لا يضر
بالعراق ولا ينتهك القرارات الدولية ولا يسبب أي عرقلة للملاحة العراقية
وحقها المطلق فيها".
وكانت عدد من وسائل الإعلام الكويتية نقلت تقارير عن مصادر رسمية أن وزارة
الخارجية الكويتية ستجري اتصالات مكثفة مع العراق لكشف مَن يقف وراء
التصعيد ضد الكويت ومعرفة موقف الحكومة العراقية منها قبل الإقدام على
اتخاذ أي موقف، مؤكدة أن الكويت ترفض سياسة الابتزاز والتدخل في شؤونها
الداخلية، خصوصا بعدما تبين أن جزءاً أساسياً من النواب والجماعات الذين
يهددونها مرتبطون بعلاقات وثيقة مع إيران.
يشار إلى أن النائب في مجلس الأمة الكويتي صالح احمد عاشور، أكد اليوم، أن
الكويت لا ترضى بخنق العراق بميناء مبارك، وبينما أشار إلى أن توقيع مذكرة
تفاهم مع العراق لبناء الميناء بثلاث مراحل وتأجيل الرابعة للضرورة، لفت
إلى أن العالم تغير ولم تعد هناك دولة ترغب بحل مشاكلها بالقوة.
وكانت مصادر أمنية في محافظة البصرة أفادت، في الـ26 من أب الجاري، بأن
مسلحين مجهولين أطلقوا ثلاثة صواريخ من داخل الأراضي العراقية على موقع
مشروع بناء ميناء مبارك في جزيرة بوبيان الكويتية، فيما لفتت إلى أن
الصواريخ لم تصب اليابسة على الجزيرة وسقطت في مياه الخليج.
وكشف مجلس دعم العلاقات العراقية الكويتية في الـ23 آب الحالي، على لسان
رئيسه عبد الرحيم الرفاعي أن زيارة الوفد العراقي بشان بناء ميناء مبارك
تمخضت عن توقيع الكويت على وثيقة تلزمها ببناء ثلاث مراحل من الميناء فيما
تهمل المرحلة الرابعة، وبين أن اللجنة العراقية رجحت أن يكون للمرحلة
للرابعة تأثيرات سلبية على حركة الملاحة العراقية، مؤكدا أن الكويت تفهمت
ذلك عبر توقيع الوثيقة.
واعتبر وزير النقل العراقي هادي العامري في الـ25 أيار الماضي، قرار
الحكومة الكويتية بناء الميناء مخالفاً للقرار 833 الصادر عن مجلس الأمن
الدولي، مؤكداً أن جانباً من قناة خور عبد الله الملاحية سيكون ضمن نطاق
الميناء الكويتي بعد تشغيله، فيما أكدت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس
النواب، في حزيران الماضي، أن العراق سيدافع بكل الوسائل الممكنة عند إغلاق
ممره المائي بسبب الميناء الكويتي المثير للجدل.
وقرر رئيس الوزراء نوري المالكي في الـ22 آب الحالي، عرض تقرير الوفد الفني
الذي زار الكويت على مجلس الوزراء في اجتماعه المقبل وبحضور جميع أعضاء
الوفد، فيما أعلن وزير الخارجية هوشيار زيباري، في الـ27 من تموز المنصرم،
أن لجنة خبراء برئاسة هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء ستزور الكويت
للتباحث بشأن الموضوع، فيما أشار إلى أن الكويت أبدت استعدادها لاستقبال
اللجنة.
وتصاعدت حدة التصريحات المتبادلة بين الجانبين العراقي والكويتي خلال
الأسابيع الأخيرة بعد أن سبقتها حملات إعلامية رافقت أزمة بناء ميناء مبارك
الذي أثار استياء رسمياً وشعبياً في العراق.
وكانت عضو في مجلس الأمة الكويتي معصومة المبارك قالت للسومرية نيوز، في
الـ22 من آب الجاري، أن تحشيد قوات بلادها على الحدود مع العراق جاء بعد
محاولات جماعات عراقية اقتحامها "عنوة"، متهمة السياسيين العراقيين
الرافضين لمشروع ميناء مبارك بمحاولة إحياء أطماع الرئيس السابق صدام حسين،
فيما أشارت إلى أن اللجنة الفنية العراقية تحققت من أن المشروع لا يشكل أي
ضرر على العراق.
وباشرت الكويت في السادس من نيسان الماضي بإنشاء ميناء مبارك الكبير في
جزيرة بوبيان القريبة من السواحل العراقية، وذلك بعد سنة تماماً من وضع
وزارة النقل العراقية حجر الأساس لمشروع إنشاء ميناء الفاو الكبير، ما تسبب
بنشوب أزمة بين البلدين، ففي الوقت الذي يرى فيه الكويتيون أن ميناءهم
ستكون له نتائج اقتصادية وإستراتيجية مهمة، يؤكد مسؤولون وخبراء عراقيون أن
الميناء الكويتي سوف يقلل من أهمية الموانئ العراقية، ويقيد الملاحة
البحرية في قناة خور عبد الله المؤدية إلى مينائي أم قصر وخور الزبير،
ويجعل مشروع ميناء الفاو الكبير بلا قيمة.
وكشفت لجنة الأمن والدفاع النيابية، في الـ17 من آب الجاري، عن تحركات
بحرية "مريبة" يقوم بها الجانب الكويتي داخل الخليج العربي وقبالة الشاطئ
العراقي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لم تقدم بعد تقارير حول التحشيد
العسكري في مناطق صفوان والخليج العربي وميناء مبارك إلى الحكومة العراقية،
فيما أكدت أنها سترسل لجنة من وزارتي الخارجية والدفاع للإطلاع على عدد
تلك القوات وأسباب انتشارها.
وفرضت السلطات الكويتية إجراءات أمنية وقائية مشددة حول موقع ميناء مبارك
في جزيرة بوبيان، بعد تعرضها لتهديدات من قبل جماعات عراقية مسلحة على
خلفية تنفيذ المشروع، أبرزها كتائب حزب الله في العراق، التي أكد أنها
تمتلك ثلاثة صواريخ مطورة بإمكانيات ذاتية، قادرة على ضرب أهداف في العمق
الكويتي.
يذكر أن ملف الخلافات الحدودية والنفطية بين العراق والكويت، بدأ بعد أن
قررت بريطانيا في العام 1961 منح الاستقلال للكويت، ورفض رئيس الوزراء
الراحل عبد الكريم قاسم الاعتراف بها، ودعا آنذاك إلى ضم الكويت لقضاء
البصرة، وعلى الرغم من اعتراف الحكومة العراقية التي سيطر عليها حزب البعث
عام 1963 بعد إسقاطه نظام عبد الكريم قاسم، باستقلال الكويت بصفقة ذكر بعض
المؤرخين أنها تمت في مقابل إعطاء الحكومة العراقية مبالغ مالية بسبب العجز
الذي كانت تعاني منه، إلا أن الرئيس السابق صدام حسين الذي ينتمي إلى
الحزب نفسه، قرر في الثاني من آب عام 1990 غزو الكويت عسكرياً على خلفية
مشاكل بشأن الحدود وترسميها والصراع على بعض الآبار النفطية.
وبعد أكثر من سبع سنوات على سقوط نظام الحكم السابق في العام 2003 مازالت
معظم تلك المشاكل عالقة بين البلدين، كما ظهرت في السنوات الأخيرة مشاكل
أخرى أبرزها تكرار الاعتداءات والاعتقالات التي يتعرض لها صيادون عراقيون
من قبل الدوريات البحرية الكويتية.