مظفر النواب والثورات العربية (الأسلامبولي والعتيبي 6/7)
حيدر محمد الوائلي
((الحلقة السادسة))
ويلهب مظفر النواب عزيمة الثورة في مصر قبل عشرات السنين من حصولها
الفعلي في ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2011، ذكر ذلك مظفر
النواب في أبيات جميلة ويذكّر مصر بثوارها وأمجادها وأبطالها، يقول (في قصيدة طلقة
ثم الحدث):
مصر سيري بالأناشيد...
وحلي خبز أشجانك والشاي وأطفالك والأزجال في وجه المتاريس...
أمام السجن...
في الساحة...
سيناء بهذا السجن...
إيمانك والقرآن والوحدة والإعداد للثورة...
ملقاة بهذا السجن... (يقصد سجن خالد الأسلامبولي الذي أصبح رمزاً للثورة)
غنيهم ببحر البقر الدامي...
بـعبد المنعم المدفون في النسيان...
بأيام التلامذة.. وعمي حمزة.. وبيت لبيت.. والله أكبر...
زغردي ناراً وبركاناً من الحزن الصعيدي...
لوجه الرجل اللحظة.. والتاريخ.. للبذل لهم...
للفتية السمر كما التصويب...
كوني الرعد...
كوني الوعد...
هدي السجن يا مصر...
أكتبي الأسماء آيات على وجه المساجد...
ثم يتحول مظفر النواب مباشرة للخليج ليلهب فتيل ثورتها، في الخليج حيث
الحاكمين يتحكمون بالناس والأرض والثروات والدين وكل شيء ويحسبون ما عندهم ملكاً
لهم يتصدقون به على الشعوب، يتمنى لهم النواب الثورة ضد الظلم وما فرق الثورة في
مصر عن الخليج وما فرق الثورة ضد الظلم في أي مكان كانت وبأي زمان ما دامت ثورة ضد
حاكم فاسد ظالم لا مثل ما يفتي بعض رجال الدين اليوم من تأييد ثورة لكونها من
طائفته وتوجهه الفئوي ويشجب ثورة أخرى لأنها من طائفة دينية أخرى وفئة أخرى...
وكذا ببعض الجماهير والقنوات التلفزيونية وسياسيين وحركات وأحزاب تراهم
هكذا يفعلون، وها هو مظفر يخبرهم بأن طلقة (خالد الأسلامبولي) ووثبته قد أفشلت
مخططات إسرائيل في المنطقة وأخرتها سنين كثيرة، لكي لا تنسى مصر والعرب ثوراها
وثوراتها كي لا يصالحوا العدو، يقول النواب:
منذ هذي الطلقة الفاصل...
مشروع ابن عزى لن يرى النور...
ولن يخرج من قصر الأمير الخصي...
لن يأكل إلا الرمل...
إلا الشوك والغصة والتنغيص...
ومن ثم يستهزأ مظفر بكروش الخليج التي تحكم شعوب الخليج لا لخيراً
فيهم وفضل سوى أنهم حاكمين متسلطين فقط، ويتذكر ثورة (جهيمان العتيبي) الذي سالت
دمائه قرب كعبة بيت الله الحرام الذي لم تكن لحرمته حرمة فقد مسخت سياسية ال سعود
حرمة البيت بقتل الثوار أنصار (جهيمان العتيبي) قرب كعبة بيت الله عن طريق قوات
خاصة فرنسية إستقدمتهم السلطات السعودية لهذا الغرض، ومن ثم لفقت السلطات السعودية
التهم ضده وأنصاره وثورته، يقول النواب:
هذا الجرب الكلي لن تتركه سهيات –منطقة في السعودية-...
لن يتركه دم جهيمان...
ولا يتركه الوعي العتيبي ليرعى...
وأرى قدح السكاكين من الإحساء...
إني لأراها...
وأرى خلف رماد الصمت ماذا في المواقد...
السعوديون إسرائيل مهما كحلوا مشروعهم...
ولقد يلقون بالعظمة إسكاتا لمن ينبح من تحت الموائد...
إنني أضحك...!!
مجموعة جرذان كراش فرقة العزف الخليجي...!!
وقرد يضبط اللحن الخيانيَّ...
ويبكي النواب على التخاذل لدى الشعوب العربية وقتها وكيف أصبحوا
عبيداً لحاكمين جهلة وهمج وفاسدين وظالمين أمثالهم يقول:
وأبكي أننا لا شيء...
أصفاراً...
نعاني غربة الصفر.. احتلام الصفر.. حزن الصفر.. صمت الصفر...
أخرج أيها الصفر..
من النفي النهائي إلى الكون النهائي...
انتفض.. كن...
امحق الآلية العمياء والنفي ونفي النفي...
فالإنسان لا الجبرية العمياء قائد...
ويتوجه النواب لثوار البحرين قبل عشرات السنين من حصولها فعلاً اليوم،
وكأنه يخاطبهم اليوم وهو يثورون ضد ظالميهم وقد أنقلب الخليج وحكامه ضدهم وأمريكا
من خلف أولئك الحكام حينما أعطتهم الضوء الأخضر وهم لا يفعلون شيئاً دون إستشارتها
وموافقتها المسبقة، كلهم تجمعوا ضد ثوار شعب البحرين الصامد رغم قلة وخذلان الناصر
فيقول:
وأنا أعلن قلبي نجمة شذرية بين سفين الليل...
تستشعر بعض الدفء...
في كوة حزن ما وراء البحر والأيام...
في سجن بعيد بالمنامة...
لم ينم هذا السجين الجدلي الوجه...
ما زالت مآقيه كخط الفجر في الليل الخليجي...
وما زال بخار البحر والخلجان في تهويمه والموج...
والأغنية الأولي لقبطان جريء مبحر نحو القيامة...
ولا ينسى النواب العراق وطنه وفلسطين ضميره في كل حين وثورة، لكي يرعب
ويخيف بكلماته من باع وطنه وضميره، فيقول:
والبصرة مرمياً على الأسلاك...
بغداد بلا شباك...
أنساه ولكن قط لن أنسى...
أنا قلبي إذا ما نفثت أفعى...
وتاب السم والجاسوس والمشروع...
لا.. بل طلقة ثم الحدث...
الدراج الأرجواني الذي عمري سأعطيه...
لمن سأعطيه...؟!
لمن لا يصل الشعر الحقيقي...
لمن يلصق في وجه المحطات...
أغاني الدم والشوق الفلسطيني...
أو طفل وحيد في الحدث...
سوف أعطيه لمن يرقى جدار السجن...
يعطي خالدا قلبي وشعري...
وسلاما من كثير الحب نث...
هكذا أرسيت أن القائد القائد تنفيذ...
ولا يتجر بالدم لكي يقبض أثمان الجثث...
((يتبعها قريباً الحلقة السابعة والأخيرة))