يجب متابعة القمة العربية في بغداد
حيدر محمد الوائلي
قمم سابقة لم تأتي أُكلها في أي حينٍ، حيث لم
تنصر مظلوماً وتعطيه حقه، ولم توقف ظالماً عند حده، ولم تنصر أخاً ولا أبن عم، ففي
القمم، كانت تباع وتشرى الذمم، ولا زالت.
جاءت قمة بغداد في آذار 2012 بعد تغيرات جاءت
بصورة عفوية وثورية كما في تونس ومصر، وكانت بصورة مخطط لها وبتدخلات خارجية أجنبية
كما في ليبيا واليمن، وحيكت مؤامرات ومخططات ومخابرات ضدها ولم تنجح بعد كما في
سوريا والبحرين.
جاءت القمة العربية التي لم تكن قمتها بقمة الشعوب
والعدل والحرية والمساواة والأنصاف والكرامة بل بقمة رؤساء لم يكن لقمتهم المزعومة
أي قمة شامخة تسمو بها متفاخراً حين تغتدي وتروح.
رؤساء حكموا البؤساء، فعاثوا في أرض الله كما
شاءوا لا كما شاء...
فالحكم ملك عضوض لهم لبسوه فلم يخلعوه، فهو
لهم لباس ورداء...
يلبسه صباحاً ليخلعه ليلاً فينام مرتاباً ففي
الفراش مشقة وعناء...
فينتصب واقفاً مذعوراً فهنالك خطأ...!!
فالخوف والقلق والتفكير والارتياب لا يسمح
بذلك...
حاول ولكن دون جدوى...
فالشعب من وراءه وكلاهما سيراً حثيثاً إلى
الوراء...
جاءت القمة في أيام يتمنى المرء فيها صلاح الحال،
ويتحقق ما في البال، من أحلام يقظة تفجرت في ربيعٍ عربي سيّسوه وحرّفوه وأقاموا
عليه الحد، ليتحول الربيع إلى الخريف وخوفي من قرب حلول الشتاء.
جاءت قمة بغداد بعد أن قضى شعب نحبه، وشعب آخر
ينتظر، وكثيرين منهم ما بدلوا من أنظمتهم تبديلاً...!!
جاءت قمة بغداد بمتغيرات الحرية والديمقراطية
التي عابوها على العراق وحاربوه لذلك وقتلوا شعبه بتفجيراتٍ ومؤامراتٍ أكلت الأخضر
واليابس وأرادوا مع البعض من سياسيي العراق جعله ضعيفاً وفاشلاً فتحقق لهم بعضه
وفشلوا بصمود الواعين من شعب العراق فلم يتحقق المشروع كله، واليوم يرددون عبارات
الحرية والديمقراطية التي كانت بالأمس رذيلة وجريمة لتصبح بين ليلة وضحاها أم
الفضائل.
جاءت قمة بغداد كأول قمة ستشهد تغيب زين
العابدين بن علي الذي سقط بثورة شعب أبي
القاسم الشابي الذي إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.
جاءت قمة بغداد بعد أن سقط نظام حسني مبارك
وسطوته فالشعب يريد إسقاط النظام، فسقط وسطوته ونظامه بثورة شعب مصر الأبيّ.
جاءت قمة بغداد التي ستشهد تغيب معمر القذافي
وضحكته واستهزاءه وأحياناً أهانته للأنظمة الحاكمة وأغلبها صحيح فهو معهم ومنهم، ونظرياته
وغرائبه التي لا يؤمن بها إلا من امن به.
جاءت قمة بغداد بعد تنازل علي عبد الله صالح
رغماً عنه بعد أن أصر الشعب على تنحيه.
سأتابع قمة بغداد لا حباً بالأنظمة العربية
المشاركة ولكن لأنها ستشهد عودة العراق لأحتضان الوفود الرسمية وستشهد هذه القمة عودة
العراق ليلعب دوراً ربما فاعلاً في اللعبة السياسية ومتغيراتها.
سأتابع القمة لا متشرفاً ببعض المشاركين
الذين كثيراً ما تآمروا على العراق وإسقاطه ولكن لكي لا ينجح بعض السياسيين من
داخل العراق الذين يريدون إسقاط العراق بتنظيمه للقمة حتى لا تحسب نجاحاً للحكومة العراقية
فحسب.
سأتابع القمة لعلها تناقش بأنصاف قضايا
مصيرية تصلح الحال، وتبذر البذور ليجني الشعب مستقبلاً الثمار...
سأتابع القمة لأنها تقام في العراق الحر المستقل
بعد خروج قوات الاحتلال...
سأتابع القمة رغم أنف النظام السعودي لا شعبه
والذي بعث مستنكفاً إلى العراق سفيره في مصر بينما زحف الملك السعودي زحفاً ليطقطق
أكواب الشراب مع جورج دبليو بوش...!!
سأتابع القمة لأن الحكومة قررتها إسبوعاً عطلة
رغم أننا نعاني أصلاً من كثرة العطل التي لا داعي لها حيث لا مدارس ولا مؤسسات ولا
دوائر تعمل فتتعطل الحياة دون سبب وجيه، ولا مكان نذهب إليه بعد مشاهدة بعض
الأفلام والمباريات والخروج للتنزه ومن بعدها سنضطر لمتابعة القمة وحوارات الرؤساء
مضطرين، فمن أضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه...!!
سأتابع القمة لأنها في بغداد، وسأتابعها
لأنها يوم عطلة، وسأتابعها لأنها ستشهد عودة العراق، وسأتابعها لعلها تناقش بأنصاف
قضايا مصيرية تصلح الحال، وسأتابعها رغم انف من أراد أن يهين ويسقط العراق بعدم
تحقيقها من دول عربية وسياسيين من داخل العراق، وسأتابع القمة لأنهم ضيوف وإكرام
الضيف واجب، فسأتابع ذلك على الأقل.